لماذا تسبب الدولار القوي بالفوضى في جميع أنحاء آسيا؟ - اقرأ 24

sky news arabia 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
لماذا تسبب الدولار القوي بالفوضى في جميع أنحاء آسيا؟ - اقرأ 24, اليوم الأربعاء 1 مايو 2024 04:06 مساءً

تراجعت عملات الأسواق الناشئة هذا العام، تحت الضغوطات الناتجة عن قوة الدولار الأميركي، حيث انخفضت عملة تايوان خلال أبريل 2024 إلى أدنى مستوى لها منذ ما يقرب من 8  سنوات، كما انخفضت الروبية الهندية إلى مستوى قياسي، واقترب الرينغيت الماليزي من أدنى مستوى له منذ الأزمة المالية الآسيوية في عام 1998.

ما سر ارتفاع الدولار؟

 تتلخص القوة التي يتمتع بها الدولار الأميركي، بالحالة "الاستثنائية" الذي يمر بها اقتصاد الولايات المتحدة، ففي الوقت الذي يشهد فيه معظم الاقتصاد العالمي نمواً معتدلاً، تظهر البيانات الأميركية من التوظيف مروراً بمبيعات التجزئة وصولاً إلى التضخم، قوة تتجاوز في الكثير من الأحيان توقعات المحللين، إذ دفع هذا الأمر المتداولين إلى تقليص رهاناتهم على قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، بتخفيض أسعار الفائدة، ما ساعد على تعزيز مكاسب الدولار.

وبحسب مؤشر بلومبرغ الذي يتتبع العملة الأميركية مقابل 12 من نظيراتها الرئيسية، فإن الدولار الأميركي ارتفع بأكثر من 4 بالمئة منذ بداية 2024 وحتى منتصف شهر أبريل.

لماذا تراجعت عملات الأسواق الآسيوية؟

وكان الأمران المتمثلان بالدولار القوي واحتمال بقاء أسعار الفائدة الأميركية مرتفعة لفترة أطول، هما المحركيْن الرئيسيين لتراجع عملات الأسواق الناشئة في آسيا، فسعر الفائدة في أميركا الذي يتراوح حالياً بين 5.25 بالمئة و5.50 بالمئة، يسمح للمستثمرين بالحصول على عوائد جاذبة بفضل الاحتفاظ بالدولار، دون الاضطرار إلى تحمل مخاطر سعر الصرف في الأسواق الناشئة الآسيوية، حيث أن أسعار الفائدة في البنوك المركزية في آسيا، هي أقل من معظم الأسواق الناشئة الأخرى وأقل من الفائدة في أميركا، فعلى سبيل المثال، يقل مؤشر الفائدة القياسي في ماليزيا، بنحو 2.5 نقطة مئوية عن مؤشر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، كما أن معدلات الفائدة في تايلاند وكوريا الجنوبية وتايوان والصين هي أقل من نظيرتها في الولايات المتحدة.

وبحسب بلومبرغ، فإنه بينما كان صناع السياسات في الولايات المتحدة، يرفعون تكاليف الاقتراض على مدى العامين الماضيين، كان البنك المركزي الصيني يخفف من سياسته لدعم الاقتصاد المتعثر للبلاد، وقد أدى ذلك إلى تعرض اليوان الصيني لضغوط مستمرة، وقد تسربت الضغوطات أيضاً إلى العملات الآسيوية الأخرى، خصوصاً عملات كوريا الجنوبية وتايوان اللّتين تتمتعان بروابط اقتصادية وثيقة مع الصين.

ماذا تفعل البنوك المركزية الآسيوية لدعم عملاتها؟

أدت التوقعات المتزايدة ببقاء أسعار الفائدة الأميركية مرتفعة، إلى ردع البنوك المركزية الآسيوية عن خفض أسعار الفائدة الخاصة بها، بسبب المخاوف بشأن الضعف المحتمل للعملة.

كما أطلق صناع السياسات في جميع أنحاء المنطقة، العنان لعدد من الأدوات لتعزيز عملاتهم، واستخدمت الصين سعر الصرف اليومي لدعم اليوان، في حين سعت البنوك المملوكة للدولة إلى تعزيز العملة عن طريق بيع الدولار.

ويراقب بنك الشعب الصيني من خلال نظام "التعويم المنظم" سوق الصرف الأجنبي في البلاد، فهو يحدد  سعراً مرجعياً لكل يوم تداول في الساعة 9:15 صباحاً بتوقيت بكين، ويُسمح لليوان بالتحرك حوله بنسبة 2 بالمئة في أي اتجاه، على أن يأخذ السعر في الاعتبار عوامل بما في ذلك الإغلاق الرسمي لليوم السابق، في حين لجأ بنك إندونيسيا إلى استخدام احتياطياته من النقد الأجنبي لشراء الروبية، أما البنك المركزي الماليزي فقد شجع الشركات المرتبطة بالدولة على إعادة دخل الاستثمار الأجنبي إلى الوطن وتحويله إلى الرينجت (العملة المحلية).

مخاطر الدعم

ولكن البنوك المركزية الآسيوية تدرك جيداً أن اعتمادها على سياسة دعم العملات، يجعلها تسير في طريق مليىء بالألغام، فإذا استنفدت احتياطياتها من العملات الأجنبية بسرعة كبيرة جداً، فإن ذلك قد يؤدي إلى ظهور مخاوف بشأن الاستقرار المالي على المدى الطويل، ولذلك نرى أن بنك اليابان، الذي لديه الكثير من القوة للدفاع عن الين، يدرس خطواته جيداً قبل اتخاذ قرار التدخل بشكل مباشر في السوق، فرغم أن العملة اليابانية سجّلت تراجعات كبيرة جداً خلال 2024، إلا أن المركزي الياباني تردد كثيراً قبل أن يتدخل في السوق في الساعات القليلة الماضية.

وقد أظهرت البيانات أن بنك اليابان المركزي أنفق نحو 5.5 تريليون ين (حوالي 35.06 مليار دولار أميركي) يوم الإثنين الماضي لدعم الين، الذي تراجع مقابل الدولار الأميركي إلى أدنى مستوياته منذ عام 1990، ما ساهم في تعافي العملة اليابانية قليلاً مع تسجيلها لـ 157 يناً للدولار، بعد أن تجاوزت مستوى 160 يناً للدولار خلال تعاملات المبركة يوم الإثنين الماضي.

تحذير صندوق النقد

بدورها، حذرت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا من أن تباين السياسة النقدية بين الولايات المتحدة وأوروبا لن يحمل أي تداعيات سلبية، لافتة إلى أن المشكلة ستكون أكثر خطورة في الأسواق الناشئة.

وقالت غورغييفا لـ CNBC إن المشكلة الأكثر خطورة ستكون بالنسبة للدول التي يكون فيها تأثير ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية أكثر عمقاً، وهو ما ينطبق على العديد من اقتصادات الأسواق الناشئة، وخصوصاً اليابان، داعية السلطات النقدية هناك إلى مراقبة تداعيات ذلك عن كثب، مع تزايد حدة تقلبات سعر الصرف.

لماذا تسبب الدولار الأميركي بالفوضى في آسيا؟

يقول المدير العالمي لقسم الأبحاث والتعليم لدى CFI، جورج خوري، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه في نهاية عام 2023 وبداية عام 2024، كانت التوقعات تشير إلى أن الفيدرالي الأميركي سيقوم بتخفيض الفائدة ما بين 4 و5 مرات خلال عام 2024، حيث أن هذا التخفيض كان سيؤثر تلقائياً بالتراجع على عوائد السندات الأميركية كما أنه سيخفف من الطلب على الدولار، لافتاً إلى أن هذا السيناريو الذي كان متوقع حدوثه في 2024، دفع بعض المصارف المركزية الآسيوية لإتخاذ قرار بعدم التدخل وعدم القيام بتعديلات على سياساتها النقدية وتأجيل ذلك بانتظار تطبيق سيناريو خفض الفائدة الأميركية.

ولكن وبحسب خوري فإن المفاجأة كانت بالانقلاب الذي حدث في حسابات التضخم في الولايات المتحدة الأميركية، فتبين أن الاقتصاد ما زال قوياً وأن أرباح الشركات لا تزال تتحسن، إذ أن هذه العوامل لا تسمح للفيدرالي الأميركي بأن يقوم بالتساهل في خفض وتيرة الفائدة، وهذا ما أثّر على العملات الآسيوية التي كانت تراهن على بدء تنفيذ سيناريو خفض الفائدة الأميركية وهو ما لم يحصل.

اتجاهات الفائدة في أميركا

ويشرح خوري أنه كي يستمر الاحتياطي الفيدرالي الأميركي برفع الفائدة، أو تمديد فترة تثبيتها، فإنه يحتاج إلى توافر عاملين في السوق، الأول هو استمرار التضخم في الارتفاع، أو محافظته على نفس المستويات الحالية وهو السيناريو الذي يحصل راهناً، أما العامل الثاني فهو ظهور قوة في الاقتصاد إن كان على صعيد أرباح الشركات في اميركا أم لناحية الناتج المحلي، أو مؤشر مديري المشتريات ومبيعات التجزئة التي يجب أن تكون جيدة نسبياً، إضافة إلى الوظائف غير الزراعية، فلطالما كانت أرقام هذه البيانات جيدة، يعني ذلك أن الفيدرالي سيستمر بالتشدد في السياسة النقدية والضغط على التضخم أكثر وأكثر، إن كان من خلال رفع الفائدة وهو أمر مستبعد بشكل كبير جداً حالياً أو عبر تثبيت الفائدة لفترة أطول.

كيف يمكن للسلطات النقدية في الدول الآسيوية الدفاع عن عملاتها؟

ويشدد خوري على أن انقاذ العملات الآسيوية خصوصاً في ظل الاحتمالات الكبيرة لاستمرار الفيدرالي الأميركي بتثبيت الفائدة لفترة أطول مما كان متوقعاً سابقاً، يتطلب ارتفاع الطلب على هذه العملات، شارحاً أن العرض والطلب هما اللذان يؤثران على سعر العملات، وطالما أن السلطات النقدية غير قادرة على التحكم بالعرض إلى حد ما، فيجب عليها التركيز على الطلب، ودون اللجوء إلى الاحتياطي والمخاطر الناتجة عن هذه الخطوة، مشيراً إلى أن التحكم يتطلب تحفيز الرغبة الاستثمارية لدى المستثمرين الاجانب، للمجيء إلى هذه الدول والقيام بمشاريع استثمارية وتبديل عملاتهم بالعملات الآسيوية، وهذا السيناريو يمكن أن يحصل من خلال طرح رزمات تحفيزية كالتي تقوم بها الصين حالياً، كما يمكن اتباع نهج الصين التي تطالب المصارف بتخفيض احتياطاتها الإلزامية، ما يساعدها على منح قروض أكبر للمستثمرين وزيادة الفرص الاستثمارية، وبالتالي ينعكس زيادة بالطلب على العملة الصينية. 

عملات هابطة في 2024

من جهته، يقول المحلل المالي محمد الحسن، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن أسعار الفائدة الأميركية المرتفعة هي أخبار سيئة بالنسبة لمجمل الأسواق الناشئة، وذلك نظراً لأنها تجعل ديون تلك الدول التي تكون في الأغلب مقومة بالدولار الأميركي، أكثر تكلفة، إضافة إلى أن ارتفاع الفائدة الأميركية، يشكل عاملاً مسبباً لهروب التدفقات الرأسمالية، مع تطلع المستثمرين لتحقيق عائدات أفضل وأسهل في الولايات المتحدة، لافتاً إلى أن ما زاد من زخم الدولار في الآونة الأخيرة هي الإشارات المتتالية التي أظهرت قوة السوق الأميركية، ما دل على أن مسار تخفيض الفائدة في البلاد سيتأخر في الإنطلاق.

ويكشف الحسن أن معظم توقعات المحللين تجمع على أن عام 2024 سيحمل المزيد من التراجع للعملات الآسيوية، وأن الدولار الأميركي سيسبب المزيد من الإزعاج والفوضى في الأسواق الناشئة في آسيا، وهذا ما يفسر قيام "بنك أوف أميركا" بوضع اليوان الصيني والوون الكوري والدولار التايواني والبات التايلاندي والدونج الفيتنامي ضمن فئة العملات الهابطة، متوقعاً وصول العملة الصينية إلى 7.45 يوان أمام الدولار في الربعين الثالث والرابع من من 2024، منخفضة من مستواها الحالي البالغ 7.24 يوان للدولار، حيث لن تنتهي معاناة العملات الآسيوية إلا مع بدء الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة، وحتى ذلك الوقت فإن كل الإجراءات التي ستقوم بها السلطات النقدية الآسيوية ستكون مفاعيلها محدودة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق