فعاليات تراهن على تغيير العقليات القديمة بشأن إنتاج المعرفة باللغة الأمازيغية

هسبريس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أجمع مشاركون في مائدة مستديرة نظمها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مساء الجمعة في رواقه بالمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، تحت عنوان “السياسة اللغوية وإنتاج المعرفة باللغة الأمازيغية”، على أهمية تغيير العقليات القديمة، التي ما زالت ترى أن الأمازيغية “غير منتجة” للمعرفة، وأن الاهتمام بها مجرد هدر للزمن السياسي، مؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة الإسراع بورش تعميم هذه اللغة باعتباره السبيل الوحيد للرقي بالإنتاج الأدبي الأمازيغي.

تحديات وعقليات

في هذا الإطار، قالت مليكة الدخش، منسقة مسلك الدراسات الأمازيغية بالمدرسة العليا للأساتذة بالرباط، في مداخلة لها إن “اللغة الأمازيغية منذ مَعيرتها إلى الآن حققت الكثير الذي يتيح إنتاج المعرفة، فإذا اطلعنا مثلا على البوابة الإلكترونية للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لا يمكننا إلا أن نثمن المحتوى المعرفي المتاح فيها، إذ يحتوي الموقع على وسائط تعليمية مختلفة، وعلى نظم استرجاع للمعلومات والكثير من الكتب التي تم إصدارها بالأمازيغية أو حولها”.

في المقابل أبرزت الدخش أن “الإنتاج باللغة الأمازيغية محاط بمجموعة من التحديات الصعبة المرتبطة أساسا بمجال الإنتاج الأدبي والعلمي والمجال التعليمي”، مضيفة أن “الإصدارات باللغة الأمازيغية تبقى محدودة جدا في سوق الإصدارات الوطنية، ويحق للمهتم هنا أن يتساءل عن السبب في ذلك: هل هو راجع إلى صعوبة الإنتاج بالأمازيغية، أم لعدم تمكن الباحثين والكتاب من استعمال حرف تيفيناغ، أم أن الأمر راجع إلى عدم توفر ما يكفي من المصطلحات الخاصة بميدان معرفي معين؟”.

وفيما يتعلق بمجال التعليم، سجلت المتحدثة ذاتها أن “اللغة الأمازيغية، منذ إدماجها في التعليم، ما زالت رهينة التعليم الابتدائي”، مضيفة “رغم افتتاح مسالك اللغة الأمازيغية في مجموعة من الجامعات المغربية، أستطيع أن أؤكد لكم، بصفتي منسقة هذا المسلك في مدرسة الأساتذة، أن البرنامج التعليمي المكون من 6 فصول لا يحتوي إلا على مجزوءتين متعلقتين بالأمازيغية في كل فصل، وهذا يعني أن التدريس يتم عادة بالعربية أو الفرنسية في كل المواد، وحتى المواد المتعلقة بالأمازيغية تدرس بهاتين اللغتين”.

وخلصت إلى أن “اعتقاد المتحدثين الأمازيغ أنفسهم، خصوصا الذين يمكن أن نعتبرهم كوادر عليا سواء في الدولة أو مراكز البحث أو القرار، أن الاسثتمار في نشر الأمازيغية والرقي بها إلى مصاف اللغة العربية هو هدر للمال والوقت لشيء مؤسف في الحقيقة، ويحتاج إلى عمل جبار على مستوى السياسة اللغوية من خلال العمل على إعلاء مكانة وهيبة الأمازيغية”، مشيرة إلى أن “هذا الأمر لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال تغيير المعتقدات والرؤى التي تحتقر الأمازيغية وتعتبرها مجرد لغة للتواصل العائلي فقط”.

إرادة وورش استراتيجي

من جهته، قال أحمد عصيد، الباحث في الثقافة الأمازيغية، إن “إشكالية إنتاج اللغة للمعرفة إشكالية فلسفية هامة جدا تناولها مجموعة من الفلاسفة. أما إشكالية السياسة اللغوية فهي إشكالية سياسية ترتبط بالقرار السياسي والترسانة القانونية والتدابير المؤسساتية التي تقوم بها الدولة في هذا الإطار”، مسجلا أن “اللغة ليست مجرد أداة للفكر، بل لها علاقة جدلية عميقة بالفكر، حيث إن أي خلل في النظام اللغوي يرافقة حتما خلل أيضا في هذا الأول”.

وأضاف عصيد أن “السياسة اللغوية تقوم على مجموعة من الأركان والمرتكزات، أولها القرار السياسي بالاعتراف بتلك اللغة، والركن الثاني المتمثل في الدساتير والقوانين التي يجب التنصيص فيها على هذا القرار لأنه عبرها سننتقل إلى المرتكز الثالث، الذي يتجلى في التدابير العملية داخل المؤسسات، ثم الركن الرابع الذي ينطوي على عملية تحسيس المواطنين بذلك القرار وتلك القوانين لكي يستوعبوها وينخرطوا فيها”.

في السياق ذاته أوضح المتحدث ذاته أن “الركنين الأولين متوفران، غير أن الأخيرين ما زلنا نعاني على مستواهما من ضعف كبير، وهو ما يمكن معه القول إن اللغة الأمازيغية اليوم في المغرب في وضعية اعتراف مع تحجيم التفعيل”، مسجلا في الوقت ذاته أن “الدولة قررت الاعتراف بالأمازيغية منذ سنوات، إلا أن هذه الأخيرة تواجه اليوم العقليات والذهنيات القديمة داخل وخارج المؤسسات”.

على صعيد آخر، أشار عصيد إلى أن “ضعف الإصدارات بالأمازيغية نتاج حتمي لتعثر وتأخر إدماجها وتعميمها الكاملين بشكل أفقي وعمودي في التعليم”، مبرزا أن “تعميم الأمازيغية ورش وطني واستراتيجي هام سيمكننا من حل مجموعة من الإشكالات المطروحة، وسيخلق لنا شخصية وطنية متوازنة، كما سيساهم في أن تلعب الأمازيغية دورها فيما يخص التنمية المحلية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق