قاطرة الابتكار الأمريكية تعاود العمل مجدداً

المغرب 24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
ft.svg

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك وجهة نظر تسترعي الانتباه أعرب عنها بيل غورلي، المستثمر في رأس المال المغامر، وهي تُرجع ازدهار وادي السيليكون لابتعاده مسافة 2850 ميلاً عن مركز الحكومة الفيدرالية.

وفي حديث وجهه إلى حشود صاخبة خلال العام الماضي، قال: «السبب في كون وادي السيليكون ناجحاً للغاية هو ابتعاده للغاية عن العاصمة واشنطن».

لكن وجهة النظر هذه تتجاهل مسألة تاريخية مهمة، وهي أن الأموال الفيدرالية هي التي بثّت الحياة في وادي السيليكون إلى حد كبير.

كانت وزارة الدفاع «البنتاغون» والإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء «ناسا» هم أوائل المشترين لرقاقات السيليكون لتوجيه صواريخهم العسكرية والمدنية.

وبحلول 1963، كان برنامج «أبوللو» الفضائي يشتري 60% من كافة الدوائر الكهربية المتكاملة المُنتجة داخل الولايات المتحدة.

ومن جديد، عادت الحكومة الفيدرالية إلى ميدان تمويل التكنولوجيا بصورة كبيرة، ما ساهم بقوة بإطلاق العنان لموجة جديدة من الاستثمار والابتكار في القطاع الخاص.

وتتمتع الولايات المتحدة بالعزم والقدرة على إعادة تأكيد ريادتها التكنولوجية العالمية، مع محولات حثيثة لعرقلة الصعود الصيني. ومن المُرجح أن يكون وادي السيليكون من بين أكبر المستفيدين من ذلك الطموح السياسي، حتى وإن كان بعض من الألمعيين الرائدين هناك غير ممتنين لهذا بعد. ربما أمِلَت بقية دول العالم في تغلبها على الولايات المتحدة في مختلف القطاعات الاستراتيجية، لكن تبدو دول أخرى وكأنها الكلب النبّاح الذي لا يكف عن مطاردة السيارة.

وقد نشر اتحاد صناعة أشباه الموصلات هذا الأسبوع تقريراً، سلّط فيه الضوء على مدى تسبب قانون الرقاقات المُوقع بعام 2022، الذي منح حوافز بقيمة 39 مليار دولار دعماً لصناعة أشباه الموصلات، في طوفان من الاستثمارات في القطاع الخاص.

ومنذ ذلك الحين، أُعلنت استثمارات بقيمة 447 مليار دولار إضافية في 83 مشروعاً منفصلاً في 25 ولاية. ويتوقع التقرير زيادة الولايات المتحدة لحصتها من السعة التصنيعية العالمية للرقاقات الرائدة دون 10 نانومتر، إلى 28% من السعة الإجمالية بحلول 2032، من 0% حالياً.

ومثلما تسببت «سبوتنيك» بعام 1957، بعد إطلاق الاتحاد السوفييتي لأول قمر صناعي، في ازدياد الاستثمارات التكنولوجية في الولايات المتحدة، أسفرت منافسة القوى العظمى الحالية التي تدور رحاها مع الصين عن تيسير مفرط للإنفاق الفيدرالي على قطاع التكنولوجيا.

أدركت واشنطن أخيراً أن اعتمادها على الواردات من الرقاقات من تايوان وكوريا الجنوبية كان نقطة ضعف استراتيجية غير مقبولة في عالم حافل بالتقلبات.

وأخبرني جون نيوفر، رئيس اتحاد صناعة أشباه الموصلات: «لم يكن من المقبول أن يكون ما يتراوح بين 75% و85% من رقاقاتنا مُصنّعة في شرق آسيا»، وتابع: «إننا نتوسع بصورة أعمّ».

ومع ذلك، تذهب طموحات الحكومة الفيدرالية إلى ما هو أبعد من أشباه الموصلات. يحفّز قانون الحد من التضخم، الذي استنته البلاد في 2022 أيضاً، موجة كبيرة من الاستثمارات في التكنولوجيا المناخية.

وترمي إدارة بايدن إلى شحذ القوى الأمريكية بقطاعي التكنولوجيا الحيوية والكمومية. تدرك الإدارة فشل الولايات المتحدة فيما سبق في الاستفادة من ريادتها التكنولوجيا المبكرة ببعض المجالات المهمة، مثل معدات البنية التحتية للاتصالات والبطاريات على سبيل المثال، ولا ترغب في تكرار هذا الخطأ.

وبطبيعة الحال، ليس هناك الكثير الذي يمكن لواشنطن فعله. لكن القطاع الخاص الأمريكي يتمتع باستقلالية، في طفرة الاستثمارات الجديدة، مع رهانات كبيرة من جانب المستثمرين على القوة التحويلية التي يحملها الذكاء الاصطناعي في جعبته. تهيمن بالفعل شركات أمريكية، وفي مقدمتها «غوغل» و«أوبن إيه آي» و«إنفيديا» و«مايكروسوفت» و«أنثروبك»، على مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وتشير تقديرات «غولدمان ساكس» إلى ازدياد الاستثمارات ذات الصلة بالذكاء الاصطناعي لما بين 2.5% و4% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، مقارنة بنسب تتراوح بين 1.5% و2.5% من الناتج المحلي الإجمالي في اقتصادات رائدة أخرى.

ووصف إريك برينيولفسن، مدير مختبر الاقتصاد الرقمي لدى جامعة ستانفورد، الأمر قائلاً: «هذا إنجاز حقيقي».

ولن يُصقل الذكاء الاصطناعي التوليدي تنافسية الشركات الأمريكية فحسب، لكنه سيعزز الاقتصاد الإجمالي أيضاً.

وفي حين يتوقع مكتب الموازنة في الكونغرس نمو الإنتاجية السنوية بنسبة 1.4% في المتوسط على مدى العقد المقبل، لكن يتنبأ برينيولفسن باقتراب النسبة من 3%، ويعود الفضل في ذلك في معظمه إلى الذكاء الاصطناعي. ويخبرني: «سيضاعف الذكاء الاصطناعي تقريباً معدل نمو الإنتاجية».

ولا يمكن إنكار أن الاقتصادات التي تعاني عجزاً بالموازنة يبلغ 6% من الناتج المحلي الإجمالي وتتمتع بطفرة مدعومة بالذكاء الاصطناعي في سوق الأسهم خاصتها تبدو جيدة على نحو خادع، أو لبعض الوقت على الأقل.

لن يكون من السهل على الولايات المتحدة التغلب على أوجه ضعفها، التي تشمل البنية التحتية البالية للنقل ونقص المهارات. ستشعر الشركات الأمريكية هي أيضاً بوخز القيود التي فرضتها واشنطن على صادرات الرقاقات المتطورة إلى الصين.

كما لا يمكن استبعاد اضطرابات سياسية في أعقاب الانتخابات الرئاسية التي تجري هذا العام. لكن، وحد قول المستثمر الكبير وارن بافيت: «لا تراهن ضد أمريكا أبداً».

Email
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق