«ذوو الهمم».. نجوم فى قائمة الشرف

القاهرة 24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الدولة كرّمتهم.. والمجتمع يتنمَّر عليهم

بين خطوط الظلام واليأس تجدهم يواصلون أحلامهم، 12 مليون مواطن من ذوى الاحتياجات الخاصة حملوا على أكتافهم مسئولية إسعاد أنفسهم وأسرهم، واستطاعوا ترويض التحديات ليصلوا إلى بر الأمان.

بحسب ما أعلنته الإحصائيات الرسمية الصادرة عن مجلس الوزراء، يمثل حجم ذوى الاحتياجات الخاصة 5٪ من سكان مصر، كثير منهم حققوا إنجازات تاريخية تمثل نموذجا يحتذى للذين يعانون من فقدان الأمل وسببا فى قدرة ذويهم على استكمال رحلتهم الشاقة معهم.

خلف كواليس بطولات هؤلاء النجوم أسر استطاعت أن تكسر حاجز الخوف والإحباط من نظرات المجتمع لأبنائهم وتحملوا عناء رحلة طويلة وصعبة فى سبيل دعمهم.

ورغم الجهود الكبيرة التى تبذلها الدولة لخدمة هذه الفئة التى طال تهميشها خلال العقود الماضية، إلا أن هناك مشكلات أخرى ما زالت فى انتظار التدخل لحلها من كافة أجهزة الدولة.

هذا الملف يرصد مسيرة كفاح «ذوى الهمم» والتحديات التى يواجهونها.

 

 

فرسان الإرادة

 

«رضا» و«مهند» و«أشرف» و«صباح».. نماذج ملهمة لفرسان التحدى.. رفعوا شعار «الإعاقة منحة وليست محنة» وضربوا أروع الأمثلة فى التحدى والعزيمة والإصرار.

«الإعاقة الحقيقية هى إعاقة تحديد الهدف وعدم الوصول إليه».. بهذه الكلمات بدأ الإذاعى رضا عبدالسلام رئيس إذاعة القرآن الكريم حديثه، مؤكدًا أن الإعاقة ليست إعاقة الجسد وإنما هى إعاقة العقل وإعاقة الإرادة وإعاقة العزيمة.

وضرب أمثلة بـ«هيلين كيلر» و«أبى العلاء المعرى» والدكتور طه حسين، مؤكدا أن هؤلاء ليسوا معاقين فالإعاقة إعاقة إرادة.

وأضاف: «المعاقون يمثلون فئة معينة حددها القانون بشكل معين حتى يأخذوا حقهم، لكن فى التعامل معهم لا أقبل أن تطلق عليهم كلمة معاقين، فهؤلاء ذوو همم أو أصحاب قدرات خاصة للتحفيز والتشجيع ومن أجل الإنسانية التى يجب أن تكون بيننا.

شعاع النور دائمًا ما يتسلَّل من نافذة والأمل، هذا ما أثبته الإذاعى القدير خلال حديثنا معه قائلًا: «ولدت بضمور العضلات وكانت صدمة غير عادية ليس فى الأسرة فقط بل فى قريتى كفر الشيخ إبراهيم بمركز قويسنا بالمنوفية، ولكن الله هيأ لى والدًا آمن بشخصيتى وقدراتى وعقلى واحتضننى ونفخ فى روحى وأتاح لى الفرص ودافع عنى فى التعليم والحياة حتى تفوقت فى سنوات دراستى، وحصلت على ليسانس كلية الحقوق بتفوق وكان من المفترض أن يتم تعيينى فى الجامعة، ولكن هذا لم يحدث، وشاء الله لى أن أسلك سبيل الإذاعة وجلست أمام الميكرفون منذ 35 عامًا، قدّمت جميع أنواع البرامج الإذاعية وبرامج الهواء حتى جلست منذ عامين ونصف على كرسى رئيس إذاعة القرآن الكريم».

وأعرب رضا عبدالسلام عن اعتزازه بما قدّمه خلال سنوات عمله قائلًا: هناك برامج أعتقد أنها ستظل فى تاريخ الإذاعة مثل برنامج «سيرة ومسيرة»، وقد سجّلت فيه مع القامات الدينية والعلمية والفكرية، وصدر منه كتابان؛ الأول مجموعة حوارات مع علماء الدين بعنوان «علماء ومواقف بين ثوابت الدين وعواصف السياسة، والثانى هو كتاب إضاءات العقل وهدايات النقل وهو مع مجموعة من المفكرين الإسلاميين فى مصر.

وأضاف: تعرضت كثيرًا للتنمر، وفى واقع الأمر أنا أشفق على المتنمر، لأن عنده عقدة نفسية، وأعرف أنه يعانى من نقص، وأضاف: أهم عقبة قابلتنى هى العقول الضيقة التى لا تؤمن بنفسها ولا تؤمن بغيرها، وأنا عكس ذلك فقد تعبت إلى أن وصلت إلى هذا المكان، وجلست على كرسى رئيس إذاعة القرآن الكريم.

وتطرّق رئيس إذاعة القرآن الكريم إلى الشخصيات الملهمة فى حياته، قائلًا: «كل شخص تعلمت منه شيئًا نموذج ملهم بالنسبة إليّ فمن الشخصيات التى تعلمت منها مجال الفكر وقرأت لها الدكتور مصطفى محمود الذى زاوج بين العلم والإيمان فى سبيكة لم يفعلها أحد غيره، والعالم والطبيب عمرو شريف.

وحول موقف الدولة من دعم ذوى الهمم، أشار رضا عبدالسلام إلى أن العصر الحالى يُعد نقلة كبيرة جدًا لذوى الهمم، مؤكدًا أن لا أحد يستطيع أن يُنكر اهتمام القيادة السياسية بهذه الفئة وخصوصًا فيما يتعلق بـ«قادرون باختلاف»، وتلك نقلة كبيرة جدًا، خطونا خطوات جيدة جدًا وننتظر الأفضل.. وأنا خير شاهد على تغيير النظرة لذوى الهمم، وأتمنى أن تكون المناصب بالأكفأ والأولى سواء أكان من ذوى الهمم أو غيرهم.

يذكر أن رضا عبدالسلام تناول مشوار كفاحه ومسيرة عطائه فى كتاب بعنوان «نقوش على الحجر»، أهداه إلى أبيه وأمه قائلًا: «لولاهما ما كنت وما كانت لى حياة، إذا قُدّر لى أن أسأل ربى شيئًا فأسأله أبى.

 

سفير الطفولة

وُلد كفيفًا وآمن بأن «الإعاقة» ما هى إلا عاصفة شديدة تقوى فقط على العيدان الخضراء التى تنحنى لها، وأثبت للجميع أن «النور مكانه فى القلوب»، وأن فقدان البصيرة لأمَرّ على النفس من فقدان البصر.. إنه الطفل متعدد المواهب مهند عماد الدين، بطل الجمهورية فى السباحة، مقدم برامج وممثل و«سوليست» فى فريق كورال الأوبرا وأحد أعضاء Dream band قادرون باختلاف.

لُقب مهند عماد بـ«سفير الطفولة» من خلال مشاركته فى حفل «قادرون باختلاف»، وهو صاحب اقتراح تدريس مادة «احترام الآخر» بالمناهج التربوية فى المدارس، ونفذ الرئيس السيسى مطلبه بالفعل ليتحوّل حلمه بنشر الوعى وتعزيز مبدأ الاحترام لدى النشء إلى حقيقة.

«أنا مختلف ولست معاقًا».. بهذه الكلمات بدأ مهند الطالب بالصف الأول الثانوى، حديثه قائلًا: لولا اختلافى ما تميزت وتركت بصمة فى أكثر من مجال، فالإعاقة بالنسبة لى هى عدم القدرة على فعل الأشياء وأن يتحول الإنسان إلى «عالة» على مجتمعه، وأضاف: تجاوزت مرحلة الطفولة بدعم والدتى، إلى أن تشكّل وعيى وبدأت أتكيف مع وضع فقدان البصر.

وأكد أنه شارك فى أكثر من نسخة لـ«قادرون باختلاف» قائلا: شعرت بمزيج من الفرحة والفخر عند تلبية مطالبى بالتمثيل وتدريس مادة احترام الآخر فى المدارس، اكتشفت موهبة فى نفسى لسرد القصص بأسلوب سلس وجذاب منذ أن طلب منى الدكتور طارق شوقى، وزير التربية والتعليم السابق، سرد قصة الكتاب لزملائى وبالفعل سردتها بطريقة شيّقة، وقدمت برنامجًا على صفحة راديو أسوان FM سردت فيه القصص الموجودة داخل كتاب احترام الآخر، والبرنامج أُذيع على 3 مواسم.

وأضاف ابن أسوان: «العصر الذى نعيشه هو العصر الذهبى لذوى الهمم، فما يحدث لنا طفرة لم تحدث من قبل من تمكين وظيفى ومالى، والإتاحة لأصدقائى ممن هم على كرسى متحرك أن يذهبوا لأى مكان فى الجمهورية عن طريق كود الإتاحة، واستخدام طريقة برايل فى النقود وأزرار المصاعد، وأصبح فرضًا على كل مكان تركيب رامب لتسهيل حركة السير لذوى الهمم ومحاولة دمجهم فى المجتمع».

وقال: «أؤمن بأن الأمل سر حياة وأن من جد وجد، لم يختر أحد أن يكون كفيفًا أو قعيدًا على كرسى متحرك أو مصابًا بإعاقة ذهنية، كلها منح ربانية اختصّنا الله بها، لم أتعرض للتنمر ولكن كثيرًا من أصدقائى تعرضوا له، لى صديق عانى من تنمر البعض به ما أدخله فى نوبة اكتئاب فلم يخرج من بيته وأصبح سجينًا لإعاقته، والمتنمر شخص غير سوى ولا بد أن يُعالج، تعلّمت من أبى وأمى المثابرة والإصرار على الحلم، أحب القراءة والقصص والروايات الأدبية، وأعشق عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين فهو نموذج ملهم بالنسبة لى، وأحب الإذاعى أحمد يونس وأسمع قصصه، والموسيقار العظيم الراحل عمار الشريعى وموسيقاه المتفردة، فقد أثرت علىّ بشكل كبير وأفادتنى كثيرًا بُحكم أننى صولو فى الأوبرا».

واختتم مهند حديثه قائلًا: «أطور ذاتى باستمرار لكى أحقق هدفى بأن أكون إعلاميًا ناجحًا، وأحلم بأن يكون لى مكان وسط أبطال السباحة العالميين وأن أُغنى مع الفنان الكبير مدحت صالح، ويكون لى برنامجا شهيرا».

 

قاهرة الإعاقة

منذ 40 عامًا، انضمت الأم والبطلة البارالمبية صباح عبدالرازق إلى شريحة ذوى الهمم، مُثبتة أن الإعاقة هى إعاقة الفكر وليست إعاقة الجسد، فكم من أجسادٍ سليمة ولها أفكارٌ معاقة!

قالت صباح عبدالرازق، ابنة كفر الشيخ ولاعبة منتخب مصر لألعاب القوى: «تعرضت لحادث وأنا فى سن السادسة من عمرى أُصبت على إثره ببتر تحت الركبة، هذا اليوم غيّر مجرى حياتى من طفلة صغيرة تجرى وتلعب إلى «متفرجة من بعيد» تشاهد الأطفال وهم يلهون ويلعبون بكل أسى، مرت علىّ أيام ثقال تنوء بحملها الجبال، ظننت أن أحلامى انتهت فى فترة من المفترض أن تبدأ فيها!.. استطعت بالرضا والإيمان أن أتجاوز تلك المرحلة الصعبة فى حياتى ولولا دعم والدى رحمه الله وثقته بقدراتى ما وصلت لما أنا عليه الآن، تقبلت الأمر الواقع وبادرت بارتداء الجهاز وتحركت به، وكنت دائمًا الأولى على المدرسة فى المسابقات الرياضية، وحاولت بشتّى الطرق أن أُنقذ نفسى من مستنقع الاستسلام للإعاقة؛ لأنه أشبه بالموت على قيد الحياة.

وأضافت البطلة البارالمبية: «لم أقف مكتوفة الأيدى أمام إعاقتى بل اعتبرتها حافزًا وزادت من عزيمتى يومًا بعد يوم، وقررت ممارسة الرياضة فهى حقًا غذاء الروح والجسد، وحققت نجاحات كثيرة وحصدت بطولات عربية وإفريقية».

وأضافت: «منذ أن بدأت رياضة عام ١٩٩٦ وشاركت فى بطولات الجمهورية فى الرمح والقرص، وحصدت ميداليتين ذهب فى كل بطولة، شعرت بأننى أُنبت كأرضٍ أزهرت بعد طول بوار، وكانت بداية انضمامى للمنتخب البارالمبي فى «سباق للدراجات» وحققت أرقامًا قياسية فى شهر ونصف، وفى عام 2000 شاركت فى البطولة الفرانكوفونية فى كندا وحصلت على المركز الرابع على مستوى العالم، وشاركت فى بطولة البحر الأبيض المتوسط فى تونس وحصدت المركز الرابع على مستوى العالم، وفى 2013 شاركت فى بطولة فزاع فى القرص وحققت فيها ميدالية فضية، ولكن حالت الظروف دون سفرى إلى فرنسا للمشاركة فى بطولة العالم عام 2018».

وأوضحت أنها: «شاركت فى بطولات إفريقية وعربية عدة، وأتمنى التأهل لبطولة العالم فى اليابان وبعدها أوليمبياد فرنسا، وأنا دائمًا مؤمنة بأن المكافح والمثابر حتمًا سيصل لهدفه، خاصة أننا فى عقد ذوى الاحتياجات الخاصة، وفى كنف الدولة المصرية، وشتّان بين ما نحن عليه وما كنا عليه فى السابق، ونتمنى المزيد فيما هو قادم».

واختتمت قاهرة الإعاقة حديثها قائلة: «تعرضت كثيرًا للتنمر فى الشارع والدراسة والعمل، وكانت كلمات المتنمر تقع عليّ كالصاعقة، ولولا أننى تجاهلتها لكنت أسيرة لها وقابلة للكسر والهزيمة، أنا لست معاقة بل إنسانة طبيعية أمثّل بلدى وأرفع اسمها عاليًا، واجهت عقبات كثيرة، ولكن والدى ساعدنى فى ذلك وكذلك إخوتى رغم أنهم كانوا فى بادئ الأمر رافضين لفكرة ممارستى الرياضة، ولكن بعدما رأونى أحصد ثمار تعبى وأحقق بطولات دعمونى، وحتى زوجى الكابتن عبدالرحمن هو أكبر داعم لى بعد ربى وأبى، فحين قررنا الزواج وانقطعت عن الرياضة دعّمنى وشجعنى لكى أحقق هدفى وساندنى إلى أن عُدت ثانية بقوة، وحاليًا تكمن قوتى الحقيقية فى أولادى الأربعة، فخورة لأننى حققت المعادلة الصعبة - بفضل الله - ووازنت بين عملى وبيتى وأولادى».

 

مثال فى العزيمة

أضاء طريقه بشموع الأمل، وتحدّى الإعاقة بإرادة من حديد، وتوهّج بين أقرانه كمثال فى العزيمة والإصرار إنه الرياضى «أشرف طه» صاحب الـ35 ربيعًا، ولاعب ألعاب القوى للإعاقات الحركية بنادى فرسان الإرادة بأوسيم (القرص والجلة).

حكى أشرف طه قصته قائلًا: «أصبت بشلل الأطفال فى سن عامين تقريبًا والسبب خطأ طبيب وقلة الرعاية، عانت أمى معى كثيرًا فقد كانت تحملنى على كتفيها لمعهد شلل الأطفال أسبوعيًا، وللمدرسة يوميًا لأنه لم يكن لديّ كرسى متحرك، وبعد مجىء الكرسى المتحرك فرحت وشعرت بانطلاقة غير عادية لأن أذهب بمفردى إلى المدرسة مع زملائى بدون تعب أبى أو أمى أو إخوتى، وأعود بمفردى لأرى الفرح فى أعينهم، وتغلبت على الإعاقة بالإصرار على النجاح فى دراستى، وعندما طلب أحد أقاربى من والدى الاكتفاء بتعليمى فى المرحلة الإعدادية مرة فى الثانوية مرة بحجة أننى معاق، رفض والدى وبشدة وأخبره بأننى سأدخل الجامعة».

وأضاف: «التحقت بجامعة القاهرة وسكنت بمدينة الطلبة لأكون بجوار الجامعة وكانت تجربة جديدة أن أعيش بعيدا عن أسرتى، ولكنها كانت حافزًا قويًا آخر على الاستعانة بالله أولاً ثم بنفسى وأن أتعامل مع عقليات جديدة فى المدينة الجامعية، وبعد التخرج قابلت صعوبات كثيرة فى الحياة العملية.. وعملت إداريًا فى شركة للصناعات الغذائية قرابة 5 سنوات، وكنت أذهب للعمل بدراجتى النارية ذات الأربع عجلات، وأضطر لصعود طابقين لعدم وجود مصعد فى مكان العمل، ورغم التعب كانت التزاماتى كرب أسرة تدفعنى للمواصلة».

وقال: «بعد تصفية الشركة عملت مدرسًا للقرآن وفتحت مكتب لتحفيظ الشباب القرآن بأوسيم وأصبح عملًا مميزًا، وشاركتنى مشوار كفاحى زوجتى الغالية الكابتن يسر عمر وأم أبنائى «فارس ومكة»، تعرفت عليها منذ أن كنت لاعب منتخب جامعة القاهرة لذوى الهمم وحققت عددًا من البطولات على مستوى الجامعات، وحصلت على العديد من الميداليات الذهبية والفضية باسم نادى فرسان الإرادة بأوسيم سواء بطولات الجمهورية أو كأس مصر، وكرّمنى السيد اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة مرتين».

واختتم أشرف حديثه قائلًا: «العميد طه حسين سبب رئيسى لزيادة طموحى وقوتى ورغم أنه كفيف لكنه حقق إنجازًا عظيمًا فى زمنه».

وأضاف: لا أحد ينكر اهتمام الرئيس السيسى بذوى الهمم وننتظر منه الأفضل، وأتمنى أن أكون لاعبا بمنتخب مصر لذوى الهمم وأن أكون سببًا فى تحفيظ أكبر عدد من الطلاب القرآن الكريم كما أتمنى زيارة بيت الله برفقة أسرتى.

 

913.jpg

 

أمهات.. قهرن المستحيل

  

كانت رحلتهن مختلفة تمامًا، مزجت بين التحدى والإصرار، واجهن تحديات الأمومة أضعافًا مضاعفة، فلا مجال لرفاهية الاختيار، فقد شاءت الأقدار أن يعشن لحظات تتأرجح بين الأمل ولسعات الألم، تجاوزن صدمة البداية، وتقبلن واقعهن ولعبن أدوارهن على أكمل وجه، وكُنّ طاقة النور لفلذات أكبادهن، حتى عبرن بهم من رحم الحياة إلى رحِبها.

حاورنا بعض النماذج لأمهات خارقات حصدن وسام الأمومة بامتياز مع مرتبة الشرف، أولهن كانت إيمان والى والدة إبراهيم الخولى أول معيد مصرى من ذوى متلازمة داون والتى سطّرت بمجهودها النفسى والبدنى قصة نجاح ابنها، وأثبتت أن الحب اللامشروط لا يوجد معه مستحيل ولا يعرف للإعاقة سبيلًا، وأن الأم هى جيش ابنها الوحيد ومأمنه وسط مخاوفه.

حكت «إيمان» كواليس الصدمة الأولى وكيف اجتازت الامتحان رغم قسوة المصاب، ولحظة حصاد ثمرة تعبها حين صدر قرار تعيين نجلها معيدًا بكلية الإعلام بالجامعة الكندية بالقاهرة، قائلة: «بدأت مشوار الألف ميل مع إبراهيم بعد أيام من ولادته، منذ أن لاحظت وجود اختلاف فى ملامح وجهه، وهو ما أكده لى الطبيب بإجابة حاسمة، وهى أن ابنى مصاب بمتلازمة داون، وقعت الإجابة على مسامعى وقع الصاعقة، أتذكر تفاصيل هذا اليوم جيدًا، دموعى المنهمرة بلا توقف، فرحتى المنكسرة، أملى الضائع، إلى أن دخلت غرفته ورأيته نائمًا كالملاك ظللت أدعو ربى، إلى أن بدّل لحظات ضعفى إلى قوة لدعم طفلى، بدأنا مرحلة التأهيل والعلاج الطبيعى وجلسات التخاطب وتنمية المهارات والتغذية، وأكد المختصون أنه يتمتع بنسبة ذكاء عالية، فعملت على تطويرها بالتدريب المستمر والتعامل معه بشكل طبيعى بدون كلل أو ملل وزرع الثقة بقدراته بداخله، مرحلة التحاقه بالمدرسة كانت الأصعب، ولكن سرعان ما تأقلم على الحياة الطبيعية، ونجح فى الاندماج وسط أطفال أسوياء وتميز وتفوق فى دراسته».

وأضافت: «واجهتنى عقبات كثيرة كانت أقساها نظرات الأمهات لى خوفًا على أولادهم منه، وإحباط الآخرين وإيمانهم بأن ابنى لن يفعل شيئًا طوال حياته، وعدم قناعة الأطباء بأننا من الممكن أن نحقق نجاحًا، تحديت كل الظروف وآمنت بأن المنح حتمًا ستأتى من بواطن المحن، ونجح إبراهيم فى إثبات ذاته وأن لديه مهارات تؤهله ليكون شخصًا ناجحًا، إلى أن حققت حلمًا راودنى زمنًا، وتم تعيين ابنى معيدًا بكلية الإعلام بالجامعة الكندية بالقاهرة فى عام 2019، ولم يتفوق إبراهيم دراسيًا فقط، بل أصرّ على إثبات تفوقه الرياضى أيضًا، فهو بطل مصر وشمال إفريقيا والشرق الأوسط للتنس الأرضى، علاوة على أنه حقق بطولات جمهورية فى السباحة وتنس الطاولة».

 

شمس مشرقة

استمدت من قلبها إرادة حديدية واجهت بها «فقدان بصر» ابنها منذ ولادته، احتضنت آلامها فى سبيل سعادة صغيرها، وكانت له الشمس المشرقة فى ليله المظلم.. إنها أسماء عيد حفنى، والدة الطفل الموهوب مهند عماد، والتى سردت قصة كفاحها مع ابنها قائلة: «كانت صدمتى كبيرة يوم أن وُلد مهند كفيفًا لم أستفق منها إلا بعد 3 أشهر، فى تلك الفترة كان قلبى يقطر دمًا كلما نظرت له، قصدنا أطباء كثيرين منذ ولادته لعل أحدًا يروى قلوبنا ويُشكك فى الأمر، ولكن دون جدوى، تأكدنا أن ما نحن عليه هو الوضع الأبدى، فى البداية كنت تائهة شاردة لا أعرف من أين أبدأ، وكيف أجعل منه شخصًا يواجه مجتمعه بعزيمته وبصيرته لا ببصره.. بحثت على الإنترنت عن كيفية التعامل الصحيح مع حالته، وكنت مقيمة فى العاشر من رمضان وهناك لم تتوفر الإمكانيات التى تؤهلنى للتعامل معه، فنزلت إلى القاهرة وتوجهت لمركز رعاية الطفولة والأمومة بجامعة عين شمس، حينما كان عمره 6 أشهر، أخذت كورس إرشاد وتأهيل أسرى للتوعية وتعلمت كيفية استغلال باقى الحواس لتعويض النقص فى حاسة الإبصار».

وأضافت: «انتهى الكورس ومهند كان عمره سنة ونصف السنة، فبدأ يأخذ جلسات تنمية مهارات، وعندما تم الـ3 سنوات بدأ يتعلم القراءة والكتابة بطريقة برايل فى مركز المكفوفين بجسر السويس، ولأننى كنت أعمل معلم أول لغة إنجليزية فضلت العمل بنظام النصف أجر؛ أذهب عملى ثلاثة أيام، وباقى الأسبوع أذهب مع مهند يومين إلى مركز الطفولة بجامعة عين شمس ويومين للحضانة، وتجاوز مهند تلك المرحلة بخطى متسارعة، حيث كان يتمتع بنسبة ذكاء عالية وكان متفوقًا فى دراسته ومُتكلمًا وأُطلق عليه «الكتكوت الفصيح»، وفى سن 6 سنوات بدأ مهند تعلم الموسيقى والعزف والمدربة اكتشفت فيه موهبة الغناء».

وعن أصعب موقف تعرّضت له قالت أسماء عيد: «فى الصف الثانى الابتدائى كانت درجات مهند سيئة كلها أصفار، وتعرض لنوبة تشنجات، فأجرينا الفحوصات وأخبرتنا الطبيبة المعالجة بأنه عنده «كهرباء» لا يزال يعالج منها، وقتها تحدثت معه الطبيبة واكتشفت أنه يتمتع بهوايات كثيرة، ولمست فيه حبه للسباحة وبالفعل تدرب عليها مع مدرب لذوى الهمم لمدة 6 شهور، وبعدها دخل أول بطولة وحقق فيها نتائج، قدمت له على كورس إنشاد مع الشيخ محمود التهامى، وتخرج فى دفعة الإنشاد رقم 14 وكان من المميزين، وفاز فى أكثر من جائزة متعدد المواهب، وحصد المركز الثانى فى مهرجان الموسيقى العربية، وفاز فى مسابقة «talent» بالعربى، كانوا طالبين جودلن كيدز «أطفال متعددو المواهب» وقدم فيها مع أولاد عاديين وكان هو الوحيد من ذوى الاحتياجات الخاصة، وكرّمه وزير الشباب والرياضة، وهو حاليًا يدرس فى الكونسرفتوار، حصدت فيه تعب السنين يوم أن رأيته بجوار الرئيس السيسى فى احتفالية قادرون باختلاف وأثبت أن فى اختلافه نبوغه وتميزه».

 

910.jpg

 

يعشقون التحدي و..ويكرهون نظرة الشفقة

 

الأشخاص ذوو الهمم أو ذوو الاحتياجات الخاصة، هم أشخاص يعانون من نقص مؤقت أو دائم، كامل أو جزئى، أو ضعف فى قدراتهم الجسدية أو الحسية أو العقلية أو حتى التواصلية والتعليمية إلى الحد الذى يحد من قدرتهم على إمكانية أداء المتطلبات العادية، لذا وجب علينا دراسة وتعلم الأساليب والطرق التربوية السليمة للتعامل مع هؤلاء الأشخاص منذ الطفولة سواء كانوا يعانون من إعاقة واحدة أو إعاقات عدة.

يقول خالد عبدالحميد مدير البرامج الإدارية والقيادية بمركز إعداد القادة: «يجب أن يكون الآباء والأمهات على قدر كافٍ من الوعى كى يتمكنوا من تقديم الرعاية والأمان لطفلهم، وذلك عن طريق تقديم الاهتمام والحب والعاطفة التلامسية والأحضان واللعب معهم دائمًا، وجمع المعلومات والقراءة حول مشكلاتهم والالتزام بتعليمات الأطباء والأخصائيين بالمراكز الصحية المؤهلة، وتقديم كل المعلومات والخبرات المتنوعة للطفل بما يتناسب مع فئته العمرية والعقلية وتعليمه المهارات المختلفة.

وأضاف: يجب علينا أن نحترم عقولهم ولا نستخف بكلامهم والتفاعل والإصغاء لهم بحب أثناء الحديث معهم، وألا نستخدم المسميات أو المصطلحات الهجمومية والمشوهة مثل الأعمى، المشلول، المعاق، المنغولى فمن المؤكد أنها تؤثر سلبًا عليهم، وعلينا رسم الابتسامة على وجوهنا عند التعامل معهم لنشعرهم بالحب والحنان والتقبل، وكذلك عدم التمييز أو التفرقة فى التعامل بين الأطفال داخل الأسرة الواحدة، وعدم عزلهم عن الأسرة أو المجتمع مما يضر بهم، وضرورة دمجهم داخل جميع مؤسسات الدولة وإعطائهم كل الفرص المتاحة فى التعليم والعمل حسب قدراتهم.

وقال: أحب أن أذكر جهود الدولة المبذولة نحوهم حيث إن الفترة الأخيرة شهدت تغيرات مهمة خاصة فى مجال التعليم، حيث تم إدخال نظام الدمج حتى يتمكن الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة من الالتحاق بالمدارس التجريبية والخاصة ويدرسون مع باقى الأطفال الطبيعيين فى مكان واحد، وتوفير ما يسمى ”shadow teacher” للطفل من ذوى الهمم لمساعدته فى الفهم والكتابة داخل الفصل، أيضًا تم توفير خدمة قياس الذكاء، كما أن بعض المراكز تقدم خدمات التخاطب وتنمية المهارات والتكامل الحسى والعلاج الطبيعى، بالإضافة إلى كارنيه الخدمات المتكاملة الذى يكفل لهم حياة كريمة ويساعدهم فى الحصول على المعاشات والمساعدات الشهرية وامتيازات أخرى كثيرة.

واختتم عبدالحميد حديثه قائلًا: «مع الأسف لا يزال هناك جزء معيب فى نظام الدولة وهو الروتين الذى يعمل على تعطيل وتأخير الإجراءات فى استخراج كارنيه الخدمات، وأيضًا عدم التزام بعض المدارس الخاصة لقبول هؤلاء الأطفال وتطبيق نظام الدمج كما يجب.

والتقطت أطراف الحديث الدكتورة بسمة سليم، أخصائية علم النفس الإكلينيكى وتعديل السلوك والتخاطب، مشيرة إلى أن نجاح الابن من ذوى الاحتياجات الخاصة ينبع من الأسرة، فحاليًا توجد نماذج كثيرة من ذوى الهمم حققوا ذواتهم على مستوى الرياضة والإعلام، وكان للأسرة دور كبير فى ذلك، فإيمان الأب والأم بأن ابنهما يمتلك مهارات هو البداية ولابد من العمل على تنمية مهارات الطفل وثقته بنفسه عن طريق تقبله لنفسه وتقبل أهله له.

وأضافت «سليم» أن دور المدرسة لا يقل أهمية عن الأسرة باعتبار أن الطفل يقضى فيها معظم وقته، وبالتالى فلا بد من عقد دورات توعية للمدرسين وكذلك الأطفال لكى يتقبلوا فكرة أن هناك أطفالًا آخرين مختلفين عنهم وعليهم دور فى مساعدتهم.

وأوضحت الدكتورة سارة الكرداوى، أخصائية التخاطب والتربية الخاصة أن هناك اختلافًا فى طبيعة الأسر التى ينشأ فيها الطفل من ذوى الهمم، فمنها المُنكرة التى تعترض ولا تعرف آلية التعامل، ومنها تلك التى تمد يد العون والمساعدة لطفلها بكل رضا وإيمان بأن الإعاقة امتحان وعليهم اجتيازه بجدارة، وأضافت: عندما تأتينى حالات فى المركز من ذوى الهمم، فأنا أُكثف جهدى على الأم لأن هذا سيعود بالإيجاب على الطفل.

وأضافت: «أكثر ما يزيد من معاناة ذوى الهمم نظرات العطف والشفقة التى ينظر بها الناس إليهم، فالمجتمع من شأنه أن يؤثر سلبًا، وكذلك للمدرسة دور كبير فى تحصين الطفل من التعرض للتنمر، وهذا يرجع لدرجة الوعى الكافية من المدرسين والإدارة، لذلك لابد من العمل على تطوير فصول الدمج وتأهيل المدرسين، حيث توجد فجوة كبيرة بين أخصائى التخاطب والتربية الخاصة وتنمية المهارات والمدرس العادى، وعلينا ألا نغفل دور مراكز التخاطب وبرامج التربية الخاصة التى يمكنها أن تؤثر بشكل إيجابى على العملية التعليمية والاجتماعية، فهى تؤهل الطفل لكى يتعايش اجتماعيًا.

 

907.jpg

 

 

التعليم.. أبرز تحدياتهم

 

تحديات كبيرة يواجهها ذوو الهمم فى مصر، تبدأ من مرحلة الطفولة خاصة فى التعليم وعدم وجود فكرة الدمج بشكل فعلى فى المدارس رغم الحديث الدائم عنها، بالإضافة إلى مشكلات نقص الرعاية الصحية ونظرة المجتمع لهم، وبالتالى يجب أن يتكاتف المجتمع والدولة لمواجهة كل هذه التحديات والوقوف مع ذوى الهمم حتى يمكن للمجتمع الاستفادة من قدراتهم الخاصة.

الدكتور تامر شوقى، أستاذ علم النفس التربوى بجامعة عين شمس، قال إن الأطفال ذوى الهمم يُمثلون قطاعًا مهمًا فى التعليم المصرى ويحظون برعاية خاصة من الدولة ومن الرئيس «السيسى» الذى يحرص دائمًا على مشاركاتهم مناسباتهم الخاصة وعلى توجيه شتى أوجه الرعاية لهم، مشيرا إلى أن الأطفال ذوى الهمم يواجهون تحديات كبيرة فى التعليم وبشكلٍ خاص فى مرحلة رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية فى ضوء بعض العوامل؛ منها أن تلك هى مراحل بداية خروج الطفل من رحم أسرته الصغيرة التى ترعاه وتحافظ على مشاعره وتلبى له احتياجاته، إلى مجتمع جديد يضم أطفالًا صغارا أصحاء ليس لديهم أى وعى بكيفية التعامل مع نظرائهم من ذوى الهمم بشكل صحيح، وبالتالى فقد يتسببون فى الألم والضرر لهم، كذلك عدم قدرة المعلم على مراعاة الفروق الفردية بين الطفل ذى الإعاقة وزملائه فى الفصل العادى، أيضًا نظرة الشفقة التى قد يجدها فى تعامل كل المحيطين به، بالإضافة إلى وجود إشكاليات فى التصميم الهندسى للفصول والمدارس قد تعوق الأطفال ذوى الهمم عن التكيف معها، وأيضًا نفور الأطفال الآخرين من الطفل المعوق، ومن تكوين علاقات صداقة معه.

ووضع الخبير التعليمى روشتة لتحصين الأبناء من ذوى الهمم من التعرض للتنمر داخل المدرسة، وذلك من خلال توعية التلاميذ فى طابور الصباح بأهمية عدم التنمر على الآخرين، وتعريفهم أن هذا ضد الدين والأخلاق، وعقد ندوات للأطفال بالمدرسة لتوعيتهم بقيم التسامح وقبول الآخر، وتضمين دروس فى المناهج الدراسية بكيفية التعامل مع الأطفال ذوى الهمم بما لا يؤذيهم، وأن يكون المعلم نفسه قدوة فى احترام الطفل المعاق أمام زملائه.

وأضاف «شوقى» أن الأطفال ذوى الهمم يحتاجون إلى معلمين معدين إعدادًا خاصًا ومدربين على كيفية التعامل معهم بشكل نفسى وتربوى سليم، ويمكن هذا من خلال عمل دورات تدريبية وورش عمل لهم عن كيفية التعامل مع الأطفال ذوى الهمم، وإنشاء أقسام متخصصة بكليات التربية للتعامل مع هؤلاء الأطفال، وهو ما بدأت الكثير من كليات التربية فى تنفيذه حاليًا.

وأشار الدكتور تامر شوقى إلى أن هناك اتجاهين فى الدمج؛ البعض يرى أن الدمج أفضل من الفصل، لأنه يُشعر الطالب بأنه شخص طبيعى قريب من الأسوياء، وأنه ليس مختلفًا عنهم، وفى حالة إذا كان الطالب عنده إعاقة بسيطة قابلة للنمو أو التنمية يمكن من خلال تعامله مع طلبة أسوياء أن ينمو بقدراته، أما الاتجاه الثانى فهو يرى الفصل من خلال جمع الطلاب من ذوى الهمم مع بعضهم، وهذا الرأى له إيجابيات وسلبيات، ومن إيجابياته عدم تعرض الطفل للتنمر، ولكنه يؤثر سلبًا على نفسية الطفل؛ لأنه سيشعر بالعزلة والضيق وأنه وأقرانه منبوذون من المجتمع.

وأضاف: «فى رأيى أن الحالات التى تسمح بالدمج مثل الإعاقة الحركية، وطالما الطفل عنده قابلية بالدمج فلا مشكلة فى ذلك، لكن فى حالة إذا كان الطالب حالته متأخرة ومختلف بشكل كبير فالأفضل أن يلتحق بفصول أو مدارس مخصصة لذوى الهمم، وهناك جهات طبية مسئولة عن اختبارات قبول الطلاب، من خلال تحديد نوع الإعاقة وطبيعتها ومستواها وهل يمكن علاجها وتعديلها.

من جانبه قال الدكتور وليد هندى، استشارى الصحة النفسية أن السنوات العشر الأخيرة شهدت تطورًا ملحوظًا فى ملف الرعاية الصحية وتقديم خدمات للمواطنين، ورغم ذلك يوجد قصور واضح فى التعامل مع ملف الرعاية الصحية لذوى الهمم، فعلى سبيل المثال يوجد على مستوى مصر 7 مستشفيات فقط لإجراء الكشف الطبى لمنح كارت الخدمات المتكاملة، فالدولة تبذل مجهودًا ولكنه غير كافٍ.

وأضاف «هندى» قائلًا: فى الإسكندرية تم استحداث 15 مقرًا لذوى الهمم للكشف المبكر، علاوة على أن مستشفى الشرطة تقدم خدمات مجانية لهم، وكلها اجتهادات ومبادرات ولكنها لا تغنى عن توافر المستشفيات؛ لأن خدماتهم ومتطلباتهم كثيرة وعددهم كبير، حيث يوجد فى مصر حوالى 12 مليون شخص منهم يمثلون 12% من مجموع الشعب، وهناك رقم لم يلتفت إليه أحد وهو رقم المتأثرين بالإعاقة والذى يصل إلى 36 مليون شخص بما يعادل 35% من عدد السكان.

وطالب استشارى الصحة النفسية بوجود مستشفيات خاصة لذوى الهمم أسوة بالأمراض الأخرى، ولاسيما أنهم فى حاجة إلى مستشفيات تقدم خدمات وقائية وعلاجية وتأهيلية ورعاية صحية عامة ورعاية منزلية حسب المتطلبات الطبية لكل إعاقة، فلابد من وجود مستشفيات متخصصة تقدم خدمات الفحص والتشخيص والتسجيل الطبى، ولا بد من أن تحتوى على خدمات الصحة الإنجابية وبرامج الكشف المبكر عن الإعاقة، ويجب توفير برامج صحية وغذائية ومعلومات دوائية، ولابد من وجود خط طوارئ صحى أو أبلكيشن خاص بهم.

وأكد أنه من الضرورى أن تكون المستشفيات شاملة كل أنواع الإعاقات، ويُفضل لو توافر لكل إعاقة مستشفى ويكون الكادر الطبى بها والخدمات الطبية المساعدة مدربين تدريبًا شاملًا، حتى التصميم البنائى والهيكلى للمستشفى يجب أن يختلف باختلاف كل إعاقة، ومثلما نهتم بكل ما يخص ذوى الهمم من الناحية الإنسانية والموضوعية فيحب أن يكون لهم الحق فى رعاية صحية مستقلة تبعدهم عن الإيذاء النفسى والتنمر ونظرة الازدراء والشعور بالقلق والدونية والعجز.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق