كاتب كاميروني يبحث "خلود" الأدب الإفريقي ويدعو إلى تكريم الإبداع في القارة

هسبريس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في إطار أنشطة اليوم الثاني من الندوة الدولية التي يحتضنها مقر أكاديمية المملكة المغربية بالرباط، حول موضوع تصنيف الأدباء الأفارقة والمنحدرين من أصل إفريقي، التي عرفت حضور عدد من الكتاب والأدباء والمهتمين بالأدب في القارة السمراء، ألقى الكاتب والأكاديمي الكاميروني كوم أمبرواز مداخلة متميزة تحت عنوان “معالم لتصنيع الخلود في الأدب الإفريقي”، استعرض من خلالها أبرز تمثلات ومداخل إعادة إحياء وتكريم الأدب في القارة، على غرار ما هو معمول به في الغرب، داعيا في الوقت ذاته إلى إطلاق جائزة لتكريم المبدعين الأفارقة برعاية أكاديمية المملكة.

الكاتب ذاته، الذي يشتغل كذلك كأستاذ مُحاضر بجامعة محمد الخامس وبالعديد من المؤسسات الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا، بدأ مداخلته بالحديث عن “الخلود السياسي”، حيث قال: “لقد جئت من بلد يكون فيه موضوع الخلود، بالمعنى الحقيقي، موضوع نقاش يومي. ولحسن الحظ أن الأكاديمية التي دعتني اليوم ليست مؤسسة سياسية، وهي محايدة في العالم الذي نحن فيه اليوم”، مضيفا: “في الواقع فإن الشخصيات الرئيسية الثلاث التي تحكم بلدي على أعلى مستوى هي كلها تقريبا في سن الـ90، وظلت في السلطة لأكثر من ثلاثة عقود”.

وزاد الأكاديمي شارحا: “بلدي ليس استثناء في هذا المجال في إفريقيا، ففي توغو مثلا العائلة نفسها تحكم منذ أكثر من خمسة عقود، وفي الغابون سقط حكم آل بونغو العام الماضي بعد 56 عاما في السلطة، ويمكن أن نقول الشيء نفسه عن الكونغو برازافيل وأوغندا وغيرها، وبالتالي فكما ترون فنحن في إفريقيا لا نفتقر إلى الأفكار حينما نريد أن أن نسجل أنفسنا في خانة الأبدية والخلود”.

وتابع كوم أمبرواز بأن “الغرب الذي أقام نفسه لفترة طويلة كشاشة في أفقنا أدرك على الأقل منذ القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أن الحركات الأدبية وتيارات الفكر، مثل الرمزية والإنسانية والكلاسيكية والتنوير والرومانسية والواقعية، ومؤخرا الوجودية وحركات ما بعد الحداثة، كانت ظواهر اجتماعية يجب أخذها في الاعتبار لفهم مسيرة العالم”، مشيرا في هذا الصدد إلى “إجراء العديد من الدراسات والمنشورات لفك رموز هذه المدارس الفكرية والحركات الأدبية، إذ تم إنشاء العديد من الجوائز الأدبية والمبادرات لتشجيع التميز في جميع المجالات، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية وكندا اللتين يتم فيهما توزيع العديد من الجوائز في الشعر والأدب والترجمة وأدب الأطفال”، قبل أن يتساءل: “أين إفريقيا من كل هذا؟”.

يجيب الكاتب ذاته بأن “معظم الجوائز الأدبية التي فاز بها الكتاب الأفارقة تأتي أساسا من مكان آخر، بحيث استفاد عدد قليل منهم من الجوائز المرموقة التي منحتها لهم هيئات خارج إفريقيا”، لافتا في هذا الإطار إلى “إنشاء جوائز أدبية من قبل بعض المنظمات الفرنسية، وهي جوائز مخصصة بشكل أساسي للمبدعين من المستعمرات الفرنسية السابقة في إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي وآسيا والشرق الأوسط”.

وزاد الأكاديمي ذاته: “يحدث أحيانا أنه في بعض الدول الإفريقية يتم إنشاء جوائز أدبية سريعة الزوال، بينما تكافئ الدول الغربية عموما الأعمال التي تدافع عن القيم التي تعتز بها، وتكافئ مؤسسات الدول الأوروبية بشكل عام المنتجات والأعمال التي تضفي الشرعية على القيم الخاصة بها”، مسجلا أن “الندوة التي نحن بصددها يجب أن تدعونا إلى استجواب أنفسنا حول عمل هيئات الشرعية في العالم، لإلقاء نظرة فاحصة على أنفسنا في المرآة، إذ يجب أن نحدد علامات تاريخنا وكذلك القيم العزيزة علينا ونرى كيف نخلدها”.

وللقيام بذلك قال أمبرواز: “يجب أن نقبل تفكيك أنفسنا من خلال ترك الأطر الضيقة لمفهوم الأمة، كما يجب أن ندرك أن بلقنة القارة الإفريقية تجعل من الصعب أحيانا تحديد هويتنا الوطنية”، مضيفا أن “مرحلة ما بعد الاستعمار التي نتورط فيها تم فك رموزها ببراعة من قبل إدوارد سعيد، في عمله الاستشراق (1978)، الذي وضع أصبعه على التمثيلات التي تحجب أفق التبادل بيننا وبين الآخر”، موردا أن “أطروحات الشيخ أنتا ديوب هي الأخرى، عن مصر القديمة والوحدة الثقافية لإفريقيا السوداء، مازالت تحشد قسما مهما من الشباب الأفارقة الذين يتعاطفون مع باحث يسمح لهم باكتشاف وتكريم الأفارقة الذين غالبا ما يتم تهميشهم، أو حتى ازدراؤهم”.

واقترح المتحدث ذاته إحداث جائزة ترعاها أكاديمية المملكة المغربية، بتنسيق وتعاون مع دول ومؤسسات أخرى في القارة، من أجل تكريم المبدعين الأفارقة والإنتاجات الإبداعية، على غرار ما يقع في الخارج، ليس فقط في مجال الأدب، وإنما في باقي المجالات، على غرار الفنون، مؤكدا في الوقت ذاته أن “هذه الجائزة يجب أن تنبني على المعايير التي تجمعنا ونضعها نحن بأنفسنا”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق