تطور لافت للتقنيات الطبية المدعومة بالذكاء الاصطناعي.. لكن أين هي؟

المغرب 24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
ft.svg

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعكف خليط من علماء الأحياء وعلوم البيانات والاجتماع – بدعم من الذكاء الاصطناعي- على تطوير مجموعة من العلاجات المبتكرة. وجاء تعيين أندرو موريس رئيساً لأكاديمية العلوم الطبية في المملكة المتحدة هذا الربيع «في وقت مهم للأبحاث الطبية»، وبرأيه فإن «اتساع نطاق التقنيات الجديدة مهم بالتأكيد».

وتتدفق الأبحاث العلمية من المختبرات الطبية حول العالم بوتيرة أسرع من أي وقت مضى، بداية من علم الجينوم إلى تعديل الجينات، ومن الخلايا الجذعية إلى علم الفيروسات، ومن علم المناعة إلى التقنيات العصبية.

كما تظهر سلسلة من الإحصاءات من تحليل مصادر البيانات الصحية المختلفة، ومن التجارب السريرية إلى سجلات المرضى والإحصاءات الاجتماعية والبيئية، وكلها معززة بالذكاء الاصطناعي.

ويقول أندرو موريس، وهو أستاذ الطب في جامعة إدنبره ومدير معهد أبحاث البيانات الصحية في المملكة المتحدة: «إن دمج علم الأحياء مع العلوم الحاسوبية والاجتماعية والطبية يعني أن لدينا جيلاً من الأدوات الجديدة سيكون متاحاً أمامنا». وأكد: «إذا نجحنا في القيام بذلك، فقد تكون هذه واحدة من تلك اللحظات المحورية في مجال الطب التي لا تقل أهمية عن اكتشاف المضادات الحيوية».

وينطوي تحقيق النجاح، في المقام الأول، على الحفاظ على ثقة كل من له مصلحة في النظام، ويشير في هذا السياق: «إن الدول التي يمكنها تنظيم بياناتها بطريقة موثوقة ستنتج نماذج أكثر دقة وشمولاً وتأثيراً فيما يخص مصلحة المرضى والمصلحة العامة».

ويضيف: «تفوقت قطاعات أخرى في هذا الجانب مقارنة بالرعاية الصحية، على سبيل المثال، يمكنني أن أرسل لك 100 جنيه إسترليني في غضون دقيقتين؛ لأن مصرفك ومصرفي مشتركان في نظام سويفت [نظام التحويل المالي الدولي]، إذن، يدور الأمر حول وضع المعايير وقابلية التشغيل البيني والالتزام بالأمان والأخلاقيات وإدارة البيانات الموثوقة».

وحتى الآن، كانت الابتكارات في مجال الرعاية الصحية تدعم «القانون» الذي حدده الباحث الأمريكي المهتم باستقراء المستقبل، روي أمارا، قبل 50 عاماً: «بأن آثار التكنولوجيا تحظى باهتمام مبالغ فيه في بداية ظهورها لكن يستهان بأثرها بعد فترة».

على سبيل المثال، كانت وسائل الإعلام لعقود مليئة بالأخبار عن التقنيات الواعدة بإحداث ثورة في مجال الرعاية الصحية، مثل المسودة الأولى للجينوم البشري، التي قوبلت بقدر من الحماس فور صدورها قبل 25 عاماً تقريباً.

ورغم ذلك، يتعرض غالبية المرضى اليوم إلى القليل من التكنولوجيا الجديدة خلال زيارتهم للطبيب، بحسب ما ذكره ديفيد وينكوف، أستاذ العلوم الحيوية في جامعة دورهام.

وربما تكون الجائحة قد سرّعت اعتماد بعض التقنيات، مثل لقاحات الحمض النووي الريبوزي، ويُسمى اختصاراً «آر إن أيه»، واختبارات الإصابة بفيروس كورونا، «لكن علم الجينوم لم يشق طريقه إلى العيادات بعد»، حسبما يقول وينكوف، الذي يضيف قائلا: «لا يمكنك زيارة طبيبك بانتظام لإجراء تسلسل الجينوم، ثم ينظر الطبيب إلى النتائج ويقول لك: هذا ما تعاني منه».

وأكد وينكوف، الذي يرأس أيضاً الجمعية البريطانية لأبحاث الشيخوخة، وهي جمعية خيرية بدأت حملة لجمع الأموال لمشاريع «من شأنها أن تؤثر على حياة عامة الناس»، قائلاً: «ثمّة حاجة إلى الأبحاث القائمة على الأدلة لفهم كيفية تمتع الناس بصحة أفضل مع تقدمهم في السن، ثم يتعين علينا إتاحة هذه المعرفة لأكبر عدد ممكن من البشر».

وأوضح: «المشكلة في تطبيق التقنيات الجديدة بمجال الطب تكمن في ضرورة أن تكون ميسورة التكلفة للتشغيل ومفهومة للأطباء.. وأحد أسباب عدم استخدامنا تسلسل الجينوم هو فهمنا المحدود لوظيفة الجينات لمعرفة الماهية الحقيقة لتسلسل [معين] بالنسبة للمريض وعلاجه».

ويشير إلى أن ارتفاع ضغط الدم هو خير مثال على «حالة يمكنك قياسها بسهولة وعلاجها باستخدام أدوية مفهومة الآليات.. فنحن نعلم أن ارتفاع ضغط الدم على المدى الطويل يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ونحن بحاجة إلى المزيد من الحالات [المشابهة] التي يمكن قياسها وعلاجها وفهمها».

وتعد التقنية العصبية من الميادين المستقبلية التي تجسد قانون أمارا عملياً، ويعود تاريخ بدء التجارب الطبية لواجهة الدماغ والحاسوب - يرمز لها اختصاراً BCI- التي يمكنها استعادة بعض من القدرة الحركية للمصابين بالشلل، إلى أوائل العقد الأول من القرن الـ 21.

وتساعد هذه الأجهزة، المزروعة أسفل جماجم العديد من المرضى ذوي الإعاقة، في تفسير ما يكفي من النشاط العصبي؛ لاستعادة بعض الحركة إلى الأطراف المصابة بالشلل أو التحكم في روبوت بسيط أو لوحة مفاتيح، أو توفير صوت اصطناعي لشخص غير قادر على الكلام.

وخلال عام 2021، ساعد الباحثون في جامعة براون بالولايات المتحدة في تأهيل شخصين مصابين بالشلل الرباعي، وهما كاثي وبوب، للتحكم في الأشياء باستخدام ذراع آلية عن طريق التفكير في الحركات اللازمة. واستحوذ مقطع فيديو لكاثي وهي تبتسم لقدرتها على رفع مشروب إلى شفاها لأول مرة منذ 15 عاماً على قلوب الناس حول العالم.

ومنذ ذلك الحين، شهدت واجهات الدماغ والحاسوب تطوراً أكبر داخل العديد من مختبرات الجامعات والشركات، بما في ذلك نيورالينك التابعة لإيلون ماسك، لكن الباحثين يتقدمون ببطء، ويراقبون عن كثب تأثير زراعة الدماغ على مجموعات صغيرة من المتطوعين.

لذلك، فكل من توقع التطور السريع لكائن «السايبورغ» -كائن نصفه بشري ونصفه الآخر آلي- بعد نجاحاتهم المبكرة، سيشعرون بخيبة أمل. ويقدر لي هوشبيرغ -أحد رواد واجهات الدماغ والحاسوب في جامعة براون، والذي يعد منخرطاً بعمق في هذا المجال بصفته مديراً لمركز التقنية العصبية بمستشفى ماساتشوستس العام، أن نحو 50 متطوعاً فقط في جميع أنحاء العالم تلقوا عمليات زرع واجهة بين الدماغ والحاسوب طويلة الأمد منذ بدء الأبحاث السريرية. ويقول: «إحدى مزايا هذه التكنولوجيا هي أننا نحصل على ثروة معرفية من كل مشارك في التجربة».

وأضاف: «عندما سُئلت قبل عشر سنوات عن موعد توفر هذه الأجهزة على نطاق واسع، كان جوابي أنها ستستغرق عقوداً، ورغم أن القطاع لا يزال في بداياته، لكن أعتقد الآن أن الأمر لن يستغرق سوى بضع سنوات قبل إتاحة باكورة إنتاج هذه الأجهزة للمستفيدين منها، بعد إجراء التجارب السريرية الناجحة».

Email
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق