التوزاني يغوص في اضطراب طيف التوحد

هسبريس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

صدر عن دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع بالأردن كتاب جديد للدكتور والأخصائي المغربي خالد التوزاني، عبارة عن دراسة جديدة تحت عنوان “اضطراب طيف التوحد بين التشخيص والعلاج”.

وحسب تقديم الكتاب فإن مصطلح التوحد له مسار تاريخي طويل يعود إلى ما يقرب من قرن من الزمان، فقد استخدمه أول مرة الطبيب النفسي السويسري يوجين بلولر Eugen Bleuler عام 1911، ومع ذلك فإن التعريف السريري لمتلازمة التوحد لم يظهر حتى عام 1943.

ومن وجهة نظر اشتقاقية تشير الدراسة إلى أن كلمة “التوحد” تتكون من مصطلحين يونانيين: Aut نسبة إلى Self وتعني ذات أو نفس، وIsm وتعني التوجّه أو الحالة؛ وبهذا المعنى سيتكون التوحد من حالة يكون فيها الفرد متمحورًا حول ذاته تماماً.

وأكدت الدراسة ذاتها أن هذه الكلمة معزولة ليس لها معنى محدد، لكنها في علم نفس الطفل إشارة عامة إلى السلوك الغريب، فيما تعتبر الاضطرابات التي يتضمنها طيف التوحد متناسبة مع هذا الوصف، ولذلك تم تصنيفها على أنها “ذهان الطفولة”.

“في العقود الأولى من القرن العشرين أثَّرت نظريات المحللين النفسيين بشكل كبير في مواقف المهنيين وعموم المهتمين بمشكلات الطفولة، ومنذ أن نشر كانر مقالته الأولى عن ‘التوحد في مرحلة الطفولة المبكرة’ اعتقد الكثيرون أن التوحد اضطراب عاطفي وليس جسدي، وأن جميع المشكلات كانت بسبب الطريقة التي يربي بها الآباء أطفالهم”، يسجل الباحث في علم النفس قبل أن يضيف: “وقد كان أثر هذه النتيجة كارثيا؛ إذ أدى إلى تفاقم قلق الوالدين وتخوّفهم من إنجاب طفل لا يستطيعون فهم سلوكه، وجعلهم يشعرون بالذنب، وتقويض ثقتهم في قدرتهم على إنجاب طفل وتربيته”.

وفي هذا الصدد قال الدكتور خالد التوزاني إنَّ “المعرفة المتزايدة بالطريقة التي يعمل بها الدماغ أوضحت أن الأسباب مادية ولا علاقة لها بأساليب الوالدين في تربية أطفالهم، لكن مازال هناك عدد قليل من الأشخاص الذين يلومون الوالدين، وذلك راجع إلى أفكار قديمة تروج بين بعض المهنيين وبعض الأشخاص العاديين، وتسبب الكثير من التعاسة والشعور بالندم لدى الآباء الذين يعيشون مثل هذه المواقف”.

وأضاف الأخصائي المغربي أن “بعض الأطباء النفسيين اعتبروا أن اضطرابات التوحد ما هي إلا أحد أشكال مرض انفصام الشخصية في مرحلة الطفولة، ومع ذلك أظهرت سلسلة من الدراسات التي أجراها ماري كولفين Marie Calvin وزملاؤه في السبعينيات الاختلافات بين التوحد واضطراب انفصام الشخصية في الطفولة، وحاليا وبعد أبحاث متتالية ومكثفة أصبح اضطراب طيف التوحد بمثابة اضطراب عقلي ونمائي منتشر بين الأطفال قبل بلوغ سن الثالثة؛ كما أنه بمثابة اضطراب اجتماعي أيضاً، وله تأثير سلبي على مختلف مظاهر نمو الطفل”، وزاد: “يعتبر تشخيص هذا الاضطراب مسألة ليست بالهينة، بل في غاية التعقيد، يشارك فيها فريق كامل، ولا يتدخل فيها شخص واحد فقط، ولذلك أصبح هذا المشكل يقض مضجع الآباء والإخوة على حد سواء، وذلك في غياب متخصصين لتشخيص هذا الاضطراب تشخيصا علمياً مبنياً على روائز ومؤشرات معتمدة ومجرّبة، فتشخيص الاضطراب وتحديد ماهيته من أهم مراحل العلاج، وأساس كل الخطوات اللاحقة في اتجاه تحديد علاج مناسب وفعال”.

وحاول الكاتب جاهداً في هذا الكتاب الإجابة عن هذه التساؤلات، عبر جملة من الإجراءات المنهجية، منها الاطلاع على الدراسات الغربية الحديثة في الموضوع، ثم ترجمتها وتصنيفها وترتيبها، وإخضاع بعض التقنيات للتجريب في بيئة مناسبة، قصد التأكد من فعاليتها، وتعديلها بالتكييف مع طبيعة الطفل العربي وخصوصياته الثقافية والنفسية، المختلفة بالطبع عن الطفل الأمريكي أو الأوروبي، مركّزاً طيلة صفحات هذا الكتاب على كيفية التدخل التربوي السليم والعلاج النفسي المتوازن، عبر جرد التدخلات العلاجية المتاحة حالياً، بكل أنواعها، مثل العلاج الدوائي بالعقاقير والعلاج السلوكي، وغير ذلك من أشكال التدخل.

كما لم يدخر الكاتب جهدا في شرح تلك الأبحاث العلمية، بلغة عربية تكون قريبة من القارئ العربي، وخاصة الآباء والأمهات الذين لديهم طفل مصاب باضطراب طيف التوحد، موردا: “أرى أن هذا العمل مفيد للمتخصصين والباحثين في هذا المجال، كما يقدم تصوّراً شاملاً للقارئ العادي الذي يبحث عن توسيع ثقافته واكتشاف موضوعات جديدة لها صلة بتقويم سلوك الإنسان، في عالم يحفل بالتحديات الفكرية وتزايد المشكلات السلوكية، ما يقتضي أحياناً معرفة دقيقة ببعض المجالات المؤثرة في حياتنا لفهم الواقع والتصرف بوعي إزاء السلوك الإنساني، وخاصة عند إنسان الغد”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق