لقاء تأبيني بمعرض الكتاب يستحضر أثر "صديق الكل" الراحل بهاء الدين الطود

هسبريس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مساء تأبيني حرّك آلة “ثقافة الاعتراف” في اليوم الخامس من الدورة الـ29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، لتشتغل، في حدها الأقصى، اعترافا بما أسداه الروائي والقاص والمحامي بهاء الدين الطود (1946 – 2023)، الذي غادر دنيا الناس قبل شهور، للثقافة المغربية والعربية؛ وذلك بعدما غادر تاركا وراءه تراثا أدبيا “قليلا”، ولكن على “درجة عالية من الأهمية”.

ونعى المثقف، الذي رأى النور بمدينة القصر الكبير، اسمان حضرا في المسار الشخصي والأدبي للراحل: زوجته رجاء الطود ورفيقه الروائي والكاتب حسن أوريد؛ وإلى جانبهما الروائي والشاعر والناقد عبد الرحيم الخصار؛ حتى أن رئيس الجلسة الباحث في التاريخ أسامة الزكاري كان من بين من خبروا حياة الراحل ومساره وكان من الذين اشتغلوا إلى جانبه على أعمال له لم تر النور بعد.

رجاء: كان مرجعي

رجاء الطود، زوجة الراحل، التي لم تخف وهي تتناول الكلمة أنها لم تعد تستطيع التفوه بوصف “المرحوم” أو “الراحل”؛ وواصلت كلمتها وهي تعارك دموعها أمام الحاضرين: كلنا راحلون، والقطار يمضي، لن يفتقدك بعد رحيلك إلا من كنت تسعده بكلامك وبقربك، تجبر بخاطره؛ من واسيته بفعل ومسحت عنه حزنه، وفتحت له باب الخير.. كلنا عابرو سبيل في رحلة قصيرة.

وتابعت رفيقة درب الرجل كلمتها التي أثرت في كل من استمع بهدوء: بهاء.. بكل ما لهذا الاسم من معنى، الصديق الصدوق، الزوج الوفي الحنون، المحامي الخلوق والمبدع الفذ، كان بالنسبة لي مرجعا في كل شيء.

وزادت قبل أن تفشل أمام محاولة الاستمرار بحكم “فوران العاطفة”: لا أمل من الحديث معه. هناك دوما جديد. زرنا معا بلدانا عديدة، وأتيحت لي فرصة التعرف على نخبة القوم صحبته سواء عربيا أو غربيا. بهاء رحمه الله كان بوصلتي يسحبني في كل الاتجاهات معه.

وأضافت: “هو معي في كل شيء إلا واقعي، مع الأسف. بهاء كان محبا لكل أفراد أسرة الطود فردا فردا، ويحمل علم هذه الأسرة بكل فخر واعتزاز. يرافقك عزيزي الحزن والمحبة العميقة”.

ثم أصرت على أن “تفضح” الذين “خذلوه”، وقالت: “الراحل بهاء، أديب شامل، ترك خلفه زخما من الإبداعات منها ما رأت النور، ومنها ما لم ير النور بعد، ولدت في أيامه الصعبة، أيام المرض والخيانات المتكررة والتهميش من طرف المرتزقة التي كانت تحوم حوله وتدعي المحبة والإخلاص”.

ثم انهزمت كليا وهي تقول: “بهاء الزوج لم يمت في ذاكرتي، وفية لعهده وحاملة لثقل كبير وهو السير قدما بأعماله المتبقية. فعلا انكسر ظهري، لكنني شغوفة كوني أرملة الأستاذ بهاء الدين الطود، شامخا في ذاكرتي وذاكرة أحبته. وسيبقى كذلك إلى أن ألحق به في يوم من الأيام”.

أوريد: في البدء خصام

الروائي والكاتب المغربي حسن أوريد عاد بالحكاية إلى “الدرجة الصفر” من العلاقة، حين كان بهاء الطود “مجرد اسم” يسمع بأنه “فرد من أسرة معروفة ومشهورة”.

واسترسل في تقريب الناس من “جذور المحبة” قائلا: “مرة، قرأت له حوارا في جريدة المساء ضمن “كرسي الاعتراف” الذي كان يعده الصحافي سليمان الريسوني”، وأشار إلى أن “الحوار أثاره واستثاره”، لكون الحديث كان عن مؤسسة كان من المفترض أن ترى النور تحمل اسم محمد شكري.

أوريد قال أيضا إنه كان ضالعا في المؤسسة (…) ولكنه لم يكن وحيدا في هذا المشروع. وهناك أشخاص آخرون “يظن” أنهم “كانوا وراء تأخيره”. وزاد: لم ير المشروع النور لأسباب لا يد لي فيها. ولكن بهاء الطود صب سهامه واتهامه على شخصي وهدد بمقاضاتي في حواره. واستغربت حقيقة، كيف أكون موضوعا لمتابعة قضائية، والحال أنني لم أكن أريد إلا الإصلاح ما استطعت إليه سبيلا، فلم أستطع.

وشدد صاحب “الموتشو”، التي أدخل فيها شخصية “إيستر” بيت الطود، على أن الراحل أسر له أنه “ساوره الندم على هذا القول المبتسر والمتسرع”.

وأوضح: “التقينا بعدها في رحاب شفشاون وعانقني عناقا يريد طي الصفحة، وكانت بداية علاقة وصداقة. من الغريب والطريف أن تكون هذه الصداقة نتاج خصام”، مستحضرا ارتباط “برييش” في أفقه بعدها ببهاء، قائلا: صرت حقيقة أشعر بأن “برييش” فارغة منذ أن رحل عنا بهاء. أشعر بأن العالم الذي كان جزءا مني وحفيا بي أصبح فارغا.

وبعدما كشف مؤلف “الباشادور” أن علاقته بالطود لم تكن طويلة ولكن قوية، أصر على أن يبر بذكر أدب الراحل، مؤكدا أنه كان من خيرة من حمل القلم في هذا البلد، ويكفي للجيل الجديد قراءة “البعيدون”، فهي من الأعمال الروائية العميقة التي تدخل ضمن السهل الممتنع”.

وأضاف: “كان محاميا، لكنه انتقل إلى الخلود من باب الأدب”، وكان “من الأوائل الذين التفتوا إلى التوحيدي، لكونه من الوجوه التي طالها النسيان في الثقافة العربية”.

الخصار: بعثه ضرورة

الروائي والشاعر عبد الرحيم الخصار شدد على ضرورة “بعث التراث الأدبي والفكري للراحل”، لافتا عناية الناشرين والمعنيين بالشأن الثقافي إلى عمليه اللذين كان يشتغل عليهما، في السنوات الأخيرة، لاسيما السيرة الذاتية “رسائل بلار” وكتابه الرحلي “سارق الأسفار”، من أجل العمل على نشرهما، لكونهما يكشفان الكثير من خبايا رجل عاش تجارب حياتية ثرية”.

وقال الخصار ضمن كلمته إن “صاحب رواية “البعيدون”، التي شكلت حدثا ثقافيا داخل المغرب وخارجه خلال صدورها، كان رمزا في طنجة، يشارك في الحياة الثقافية ويستشار في تفاصيلها، ويحتفي بزوار المدينة القادمين إليها من أبواب الفن والثقافة والمعرفة”، معتبرا أنه “بأعمال روائية قليلة، استطاع أن ينتزع مكانه بين كبار الروائيين المغاربة، لا سيما أنه دخل عالم الكتابة الأدبية متأخرا قياسا مع مجايليه من الكتاب، لأن عمله الأول لم يكتبه إلا بعد أن تجاوز الأربعين عاما”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق