عصيد: الإعلام الأمازيغي يصطدم بتحديات كبرى .. وتفعيل الدستور "معلق"

هسبريس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال أحمد عصيد، ناشط أمازيغي باحث في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إن “الإعلام الأمازيغي في المغرب يصطدم بتحديات كبرى”، مسجلا أنه “لكي نفهم هذه التحديات لا بد أن نفهم السياق الذي يمر به بلدنا الآن، وهو الذي يقول إن المغرب حاليا له طموح أن يلعب دورا استراتيجيا على المستوى الإقليمي والعالمي”.

عصيد أوضح وهو يتحدث ضمن “قضايا راهنة” حول “الإعلام الأمازيغي ورهانات التحديث”، أنه “حتى يلعب أي بلد دورا استراتيجيا كبيراً، فالأمر يحتاج إلى تقوية الجبهة الداخلية، أي ترتيب البيت داخليا من أجل خلق اللحمة الوطنية القوية التي ستجعل البلد يقوم بهذا الدور الذي يطمح إليه”، معتبرا أن “المدخل الاقتصادي لا يكفي في هذا الباب”.

وسجل الفاعل الأمازيغي المشارك في المائدة المستديرة المنظمة ضمن فعاليات الدورة الـ29 من المعرض الدولي للنشر والكتاب، أن “الدور الاستراتيجي الكبير يكون من خلال أدوار سياسية مثل مبادرة الأطلسي التي هي مبادرة سياسية لتفتح الباب لبلدان الساحل التي تعيش مشاكل حقيقية تجاه المحيط الأطلسي”، مضيفا: “البوابة الثقافية يمكن أن يكون للأمازيغية دور فيها”.

وتطرق عصيد إلى التحديات التي تواجه “تمازيغت”، قائلا إن التحدي الأول متصل أساسا بـ”الديمقراطية”، وشرح: “أقصد هنا أن الأمازيغية حاليا ينبغي أن تلعب دور بناء الشخصية الوطنية المتوازنة من خلال إعادة التوازن للعقل المغربي عبر شعور كل مواطن في المغرب في جميع مناطق البلد بالانتماء إلى المغرب بكل ما فيه”، مضيفا: “نعرف أن السياسات العمومية منذ الاستقلال بسبب سوء تدبيرنا للإرث الاستعماري لم تستطع خلق هذه الشخصية المتوازنة”.

وتابع: “على العكس من ذلك، خلقنا أمراضا كثيرة وعاهات ذهنية جمة جعلت كثيرا من المغاربة يشعرون بالانتماء لمناطق جغرافية أخرى خارج بلدهم أكثر من حيث شعورهم بذلك تجاه بلدهم: المملكة المغربية. ولهذا، هناك من يعرف شوارع بغداد ويحفظها حرفيا، ولا يعرف أن في حيه الذي يسكن فيه يوجد شاعر كبير مغربي. مثلاً”.

واعتبر الأكاديمي المغربي أن “التحدي الديمقراطي من المهم جدا التطرق إليه، ونحن لم نصل إلى التغلب عليه أو تجاوزه ونحن في 2024 لأننا لم نقم بتفعيل دستور 2011″، مؤكدا أن “العطب الموجود عندنا في بلدنا أننا نصنع نصوصاً جيدة من الناحية القانونية ونزودها بها كل مرة ولا نسمح لها بأن تمر نحو التفعيل والتطبيق، وإلى الآن جميع الفرقاء في المغرب، بدون استثناء، يطالبون بتفعيل الدستور”، من اقتصاديين، وحركة نسائية، وأمازيغ، وغيرهم، متسائلا: “لماذا إذن قمنا بمراجعة الدستور سنة 2011؟”.

واعتبر المتحدث التأخر في التفعيل “مشكلة”، وقال: “إذا فعلنا الدستور قد نحقق الدمقرطة بالمفهوم الشامل ونحقق بناء الشخصية الوطنية التي تسمح لنا بلعب أدوار استراتيجية إقليميا، قاريا ودوليا”.

وعاد عصيد إلى “التحدي المعرفي، الذي يعود إلى فترة “إدخالنا” الأمازيغية للتعليم سنة 2003 ودسترتها سنة 2011، مبرزا: “أننا هكذا فتحنا الباب أمام ثورة معرفية”، وزاد: “مجموعة هائلة من المعطيات التاريخية والأنثروبولوجية والجمالية والأدبية والفنية كان ينبغي أن تكون متاحة للمواطنين ليعيدوا اكتشاف ذواتهم التي غيبت عنهم طوال الـ60 سنة الماضية، وحتى يعيدوا اكتشاف بلدهم وذواتهم ويعرفوا معنى أن يكونوا مغاربة”.

هذه الثورة المعرفية، وفق المتحدث، “ستغير البنية الذهنية العامة للبلد، وستخلق دينامية كبيرة في الإبداع المغربي دوليا، لأنه لا يوجد بلد تفوق في العالم انطلاقا من غيره”، معتبرا أنه “عندما ينطلق أي بلد من ثقافة غيره يصنع نسخة رديئة، بينما عندما ينطلق من ذاته يبدع ويعطي البدائل، ويصبح نموذجا؛ فأصالة الانطلاق من الذات تمنح التوازن الذي نسعى إليه من خلال إتاحة هذه المعارف التي مازالت مغيبة إلى الآن”.

ولفت عصيد إلى اكتشاف جيل جديد من المؤرخين المغاربة “أشياء رائعة جدا” في التاريخ المغربي لم تدخل أبدا إلى المدرسة حتى الآن، ولا توجد في المقررات الدراسية، رغم أهميتها، وتساءل: “ما قيمة أن يكتشف العلماء أشياء عظيمة إذا كنا لن نعلمها لأبنائنا في الابتدائي والإعدادي والثانوي، كما لو أن هناك من يضع سورا بين المغاربة ودولتهم وتاريخهم؟ إذن هذا التحدي المعرفي ينبغي أن ننجح فيه، ولا بد لذلك من تطبيق النصوص، وخاصة القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية”.

وتحدث الباحث في الثقافة الأمازيغية عن “التحدي التنموي”، وهو “مهم جدا لأنه يسمح للغة عبر الإعلام بأن تمر لتجعل المواطن ينخرط في مشاريع الدولة”، موضحا: “لما بدأت الدولة تكلم المغاربة بالعربية الفصحى والفرنسية كانت نسبة الأمية 94 في المائة، ولم يكن أحد يفهم رسائل الدولة. كانت تخاطب نفسها وتخاطب نخب الرباط والدار البيضاء وفاس فقط، أما بقية المواطنين فقد كانوا يعيشون على هامش الدولة”.

وسجل المتحدث أن “قرار الدولة بأن تخاطب الناس بالأمازيغية، كان شيئا مهما، رغم أن أحد أكبر تحديات الإعلام هو أن يجعل المواطن المغربي في أقصى مناطق المغرب وفي البوادي والجبال ينخرط في مشاريع الدولة ويفهمها، لأنه لكي ينخرط لا بد أن يفهم، والكثير من المواطنين يعاكسون توجهات الدولة لأنهم لم يفهموها بسبب عدم وجود تواصل بين الدولة والمجتمع، والوسطاء لا يقومون بأدوارهم: منتخبون ومجتمع مدني”.

وأجمل عصيد بالإشارة إلى تحد متصل بالجانب التقني التكويني، خالصا إلى ضرورة استفادة الفاعل في الإعلام الأمازيغي من التكوينات، لأن “إقصاءه لم يعد شيئاً مقبولاً أو معقولاً”، مع الإشارة إلى ضرورة محاربة العقليات التقليدية التي تحارب “تمازيغت” في الإعلام وفي قطاعات حيوية أخرى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق