القادري يستحضر كتابات محمد شفيق من خلال أعمال المؤرخ أمادو هامباتي با

هسبريس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اختتمت، مساء الخميس بالرباط، أشغال الندوة الدولية التي نظمتها أكاديمية المملكة المغربية، بعنوان “مقاربة تصنيفية للأدباء الأفارقة المنحدرين من أصل إفريقي.. المجال والمعايير وإعادة تشكيل التلقي”، التي عرفت تكريم الأديب والمؤرخ والدبلوماسي المالي الراحل أمادو هامباتي با، بحضور ابنته وعدد من رجالات الأدب والأكاديميين من إفريقيا وأمريكا اللاتينية، بالتأكيد على أهمية إعادة النظر في معايير تصنيف الأديب والناقد الإفريقي والمنحدر من أصول إفريقية.

كما أشاد المشاركون في هذه الندوة بالجهود التي يبذلها المغرب من خلال أكاديمية المملكة للتعريف بالأدب الإفريقي الشفهي منه والمكتوب، وإبراز مساهمته في الإبداع الثقافي الإنساني.

في مداخلة له خلال أشغال الجلسة الختامية، قال مصطفى القادري، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن “المؤرخ والأديب هامباتي با من المثقفين الكبار الذين تركوا بصمتهم في تاريخ الأدب الإفريقي”، لافتا إلى أن “الرجل خلّف مجموعة من الكتب والمؤلفات المهمة، التي تربطني بها علاقة وطيدة بحكم اهتمامي بالأدب والرواية وبحكم أن سيرته الذاتية تشبه الرواية التاريخية؛ لأنه يحكي قصة حياته التي تحدث من خلالها عن أجداده”.

وأضاف المتحدث ذاته أن “هامباتي با ازداد في سنة 1900؛ لكنه يرجع بالقارى في كتاباته إلى غاية 1830، في فترة كان أجداده يحكمون إمبراطورية “ماسينا” التي وقعت في نزاع بعد ذلك مع دولة “فوتاتورو” بزعامة الحاج عمر تال التيجاني، المعروف بإدخاله الزاوية التيجانية في غرب إفريقيا”، مسترسلا: “اهتمامي بأمادو هامباتي جعلني أهتم أيضا بالجانب الذي يمكن أن نستفيد من خلاله من أفكار الرجل لتعزيز الثقافة والأدب الأمازيغيين في علاقتي كباحث في التاريخ والأنثربولوجيا بالمادة التاريخية الواردة في الروايات الأصلية التي هي عبارة عن الحكايات الشفهية، وكل ما كتبه من درسوا أيام الاستعمار على أيدي الفرنسيين باللغة الفرنسية ثم من درسوا بعد الاستقلال بالعربية”.

وسجل القادري أن “شخصية هامباتي تذكرني أيضا بالأستاذ محمد شفيق، عضو أكاديمية المملكة، الذي كتب في بداية السبعينيات كتابين غير معروفين، واحد بعنوان “ماذا يقول المؤذن؟”، الذي عالج فيه مجموعة من الأفكار كأنه مؤذن يذكر الناس بواجباتهم، ثم كتاب آخر بعنوان “أفكار متخلفة”، الذي تبنى فيه مفهوم التخلف وتحدث فيه بنوع من السخرية عن من كانوا يتهجمون على المجتمعات الشفوية ويعتبرونها متخلفة؛ وبالتالي فهو تبنى هذا المفهوم وتبنى الشفهي، ليس في مواجهة الكتابي، بحكم أن الكتابة عنده مرتبطة بما قاله ابن خلدون من أن الكتابة حرفة وليس ميزة من مميزات ثقافة على أخرى”.

وتحدث الأستاذ الجامعي والباحث الأنثربولوجي ذاته عن المخيال في الأدب، حيث اعتبر أن “المخيال كان دائما حاضرا، سواء عند الكتاب الروائيين المغاربة الذين كتبوا بالفرنسية أو من كتبوا بالعربية أو الإسبانية أو الإنحليزية؛ لأن اللغة التي يكتب بها الإنسان المغربي يحضر فيها المخيال الثقافي بقوة، وهو ما يميز كتابات مجموعة من الأدباء على غرار محمد خير الدين وإدريس الشرايبي ومحمد زفزاف وإدريس الخوري”.

وأوضح أن “هؤلاء عندما يكتبون يكون المخيال المغربي الأمازيغي دائم الحضور، وهذا حاضر أيضا في الروايات التي كتبها الأوائل وبقيت مستمرة، إلى درجة أن بعض الكتّاب مثلا في بعض اللحظات يكتبون في إحالات يحددون من خلالها معنى الكلمات في المغرب لأنهم يفكرون في قارئ مشرقي مثلا، لا يفهم الدلالات، فيضعون هوامش لتفسير الكلمات لأنها نابعة من المخيال الثقافي الأمازيغي المتجذر”، مشيرا إلى أن “هذه التجربة قام بها هامباتي با من خلال علاقته بلغته الأم الفولانية أو البول، وفي علاقته مع اللغات الأخرى التي احتك بها كلغة “الدوكون” ولغة “الموسي” في بوركينافاسو والتي نقل من خلالها في كتاباته كل ما سمعه لأنه وكما قال فإن الكتابة تدوين لما هو شفوي”.

وخلص إلى أن “الأديب المالي الراحل رفض أيضا فكرة التناقض بين الشفوي والكتابي، وبين التقليد والعصرنة، حيث عمل خلال حياته الكاملة والوافرة على إبراز العكس بحكم أنه استعمل لغة عصرية وهي اللغة الفرنسية من أجل نقل ثقافة وفكر عميق ومتجذر في غرب إفريقيا”.

" frameborder="0">

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق