لماذا تتعالى الانتقادات في مواجهة جمعيات حماية المال العام بالمغرب؟

هسبريس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لماذا تعالت انتقادات الفاعلين السياسيين والأحزاب لجمعيات حماية المال العام في الأسابيع الأخيرة؟ سؤال بات يفرض نفسه بقوة أمام تناسل الهيئات المدنية التي تنصب نفسها طرفا رئيسيا في محاربة الفساد والدفاع عن المال العام وحمايته، الأمر الذي جر عليها غضب الكثير من الهيئات السياسية والقطاعات الحكومية التي لا تنظر إلى تحركاتها بـ”عين الرضا”.

وشهدت الأسابيع الماضية شدا وجذبا بين هذه الجمعيات ومؤسسات وقطاعات حكومية، تبادل فيه الطرفان الاتهامات؛ إذ ترى الجمعيات أن العديد من المؤسسات الرسمية لا تتعاون مع الجهود المدنية الرامية إلى محاربة الفساد، وتتحفظ في مدها بالمعطيات والبيانات الضرورية التي تطلبها في إطار قضايا وملفات معينة.

في المقابل تعتبر العديد من الهيئات والقطاعات الحكومية أن هذه الجمعيات تكاثرت بشكل أدى على “تمييع موضوع الشكايات”، إذ طالب وزير العدل عبد اللطيف وهبي بضرورة التصدي لهذه المسألة وضبطها، في وقت يثير البعض الشكوك حول الأهداف والأجندات التي تحكم تحركات الجمعيات والفاعلين فيها، و”توظيفها في تصفية الحسابات السياسية والنيل من الخصوم”.

بين الجدية وتصفية الحسابات

في تعليقه على الموضوع قال الأكاديمي والأستاذ بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة محمد يحيا إن “موضوع جمعيات حماية المال العام والنقاش الوطني الدائر بشأنه منذ سنوات يدعونا إلى استحضار التوجهات الكبرى للوثيقة الدستورية لسنة 2011، لأن الوضع أصبح مختلفا، على اعتبار أن هناك بابا في الدستور يتحدث عن الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة”.

وأضاف يحيا في تصريح لهسبريس أن “المواضيع التي يتم التطرق إليها من طرف الجمعيات، وتهم تدبير الشأن المحلي والوطني، تبين أن هناك العديد من الاختلالات والإشكاليات”، وزاد: “ما تقوم به جمعيات حماية المال العام من أعمال يندرج في سياقين، الأول يضم مواضيع جدية ومهمة تتم إثارتها من حين لآخر، ولا يكون فيها التتبع حتى النهاية، وغالبا ما يتم حفظها”.

وتابع يحيا متسائلا: “العديد من التساؤلات تطرح، لماذا هذه الملفات الكبرى لا يتم الذهاب بعيدا فيها أمام الهيئات القضائية؟”.

واستدرك الأكاديمي ذاته: “لكن مجموعة من القضايا التي تتم إثارتها تدخل في إطار تصفية الحسابات، ولا تحظى بالجدية وتدخل في باب الصراعات الانتخابية أو الشعبوية والحزبية”، لافتا إلى أن “هذه الجمعيات في الغالب ما تكون محسوبة على أحزاب سياسية معينة، بل أكثر من ذلك تكون محسوبة على منظمات أجنبية وهيئات دولية، لا تكون نواياها حسنة، ولا تعمل وفق طريقة موضوعية وجدية أكثر من أنها تستهدف البلد بإيعاز من جهات معينة”، حسب تعبيره.

واعتبر يحيا أن “النقاش الدائر حول الجمعيات المهنية المهتمة بالدفاع عن المال العام، والتشكيك في مصداقيتها، جدي وينبغي أن يكون حاضرا؛ لكن على الجميع أن يتحمل مسؤوليته، لأن كل قول أو فعل ينبغي أن تكون له مصداقية، فوسائل الإعلام والتواصل الحديث تنقل كل شيء، وهذا ينطوي على خطورة كبيرة”، مشيرا إلى أن “الجميع محكوم بمسألة الجدية والمصداقية أولا وأخيرا، وإلا ستكون هناك انعكاسات سلبية وخيمة على مسار المؤسسة أو الهيئة في جميع المجالات”.

انتقادات حكومية

من جهته قال عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن “جمعيات حماية المال العام تعرضت لانتقادات كبيرة في عهد الحكومة الحالية، في وقت كانت علاقة هذه الجمعيات جيدة مع الحكومات السابقة، فقد كان هناك مثلا نوع من التحالف بينها وبين الوزير الأسبق مصطفى الرميد”.

وأضاف العلام، في تصريح لهسبريس حول الموضوع، أن “جمعيات حماية المال العام عندها مشاكل مع الأحزاب السياسية والحكومة الحالية خاصة بعد سحب القانون الجنائي من البرلمان، بسبب تضمنه تجريم الإثراء غير المشروع”، معتبرا أن “الحكومة تصرح بأن لديها نية محاربة الفساد والجمعيات تساهم في ذلك”.

وتساءل الأستاذ ذاته في تصريحه: “من ليس في مصلحته تسهيل عمل الجمعيات المعنية بمحاربة الفساد وحماية المال العام؟”، مؤكدا أن “مجموعة من المسؤولين المتابعين أو الذين يحاكمون تمت متابعتهم بسبب هذه الجمعيات التي طالبت بتحريك الدعوى العمومية ضدهم”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “غياب الجدية في بعض الدعاوى والقضايا لا يمكن أن يتخذ ذريعة لمنع الجمعيات والمواطنين من تقديم الشكايات لأنها أحيانا تكون كيدية”، مبرزا أن “هناك جوانب نقص في عمل مؤسسات المجتمع المدني ينبغي تداركها، بدعم هذه الجمعيات ومنحها صلاحيات أكبر في الترافع وترشيد عملها، لا قمعه وإحباطه”، وفق تعبيره.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق