"قمة البحرين" تكرّس اعتراف الجامعة العربية بفاعلية الدبلوماسية المغربية

هسبريس 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

رغم أن عاصمة البحرين احتضنت، الخميس، “دورة عادية” للجامعة العربية على مستوى القمة إلا أن أجندة نقاشاتها فرضت نفسها بحكم انعقادها في سياق “مشهد استثنائي عنوانه حرب غزة”، المستمرة للشهر الثامن توالياً.

وجددت المملكة المغربية المشاركة بوفد رفيع قاده رئيس الحكومة ووزير الخارجية، معبرة عن إدانتها القوية لقتل الأبرياء؛ وهو ما أكد الملك محمد السادس بقوله، ضمن خطاب إلى القمة الـ33 لجامعة الدول العربية، إن “الأعمال الانتقامية في قطاع غزة أبانت عن انتهاكات جسيمة تتعارض مع أحكام القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني”.

“فرض واقع جديد في قطاع غزة، ومحاولات التهجير القسري للفلسطينيين، أمر مرفوض، لن يزيد إلّا من تفاقم الأوضاع، ومن حدة العنف وعدم الاستقرار”، يورد الملك محمد السادس، في خطاب تلاه عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، من المنامة. كما تعهّد عاهل المملكة “بصفته رئيس لجنة القدس وبتنسيق وثيق مع رئيس دولة فلسطين بمواصلة بذل المساعي الممكنة للحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي والحضاري للمدينة المقدسة”.

في سياق متصل لم يَخلُ “إعلان البحرين”، الصادر عن أشغال هذه الدورة، من “دعم دور لجنة القدس، ووكالة بيت مال القدس، برئاسة الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية”، وهو الدعم نفسه الذي جدد القادة العرب التعبير عنه في قرارهم الخاص بـ”التطورات والانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة”.

“سياقات دقيقة ومركزية فلسطين”

هشام معتضد، خبير في العلاقات الدولية باحث في الشؤون الإستراتيجية، قال إن “القمة العربية المنعقدة بالمنامة تأتي في وضع جد دقيق تعيشه الدول العربية، سواء على المستوى السياسي أو الأمني والاقتصادي، لذلك حرص المشاركون فيها على بلورة مشروع جدول للأعمال يتضمن 8 بنود رئيسية، تناولت مختلف قضايا العمل العربي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والأمنية”.

وأكد معتضد، في تصريح لجريدة هسبريس، أن “الملف الفلسطيني والحرب على قطاع غزة كانَا الزاوية المركزية لمختلف التدخلات والمواقف الرئيسية للدول المشاركة، إلّا أن موضوعات وملفات عدة، من بينها التضامن مع لبنان، وتطورات الوضع في سوريا، ودعم السلام والتنمية في السودان، وتطورات الوضع في ليبيا، وآخر المستجدات في الملف اليمني، تحظى باهتمام سياسي وإستراتيجي خلال المشاورات بين قادة الوفود العربية المشاركة في هذه القمة”.

“اجتماع العرب في المنامة يأتي في مرحلة يشهد شارع العالم الغربي تحولا جوهريا في ما يخص موقفه من الحرب الإسرائيلية على غزة، ويعلن تضامنه المطلق مع حقوق الشعب الفلسطيني وسكان غزة، مع إدانته بشدة الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها الآلة العسكرية الإسرائيلية وتحميله قيادتها السياسية المسؤولية القانونية”، يرصد المتحدث، لافتا إلى دلالة “مناسبة الضغط السياسي كورقة إستراتيجية لدى الدول المشاركة لتبني بيان ختامي مشترك يساهم في تشكيل مزيد من الضغط الإستراتيجي على الحكومة الإسرائيلية، عبر تبني سلسلة من الإجراءات والمواقف الجريئة والفعالة لتحقيق النتائج الحقيقية والمطلوبة في ميزان قوة هذه الحرب”.

“اعتراف بأدوار الرباط”

بحسب معتضد فإن “خطاب العاهل المغربي للقمة عَكَسَ التوجه السياسي والقانوني للرباط تجاه ما يقع لسكان القطاع”، مسجلا أنه “مؤشر دال على مبادئ المغرب السياسية وقِـيَمه الدبلوماسية إزاء الملف الفلسطيني عبر رفضه سياسة إسرائيل فرض وتنزيل الأمر الواقع ميدانيا من خلال التهجير القسري وزيادة العنف الممنهج وتهديد السيادة الترابية للفلسطينيين”.

واستنتج المتحدث أن “البيان الختامي للقمة اعتراف سياسي ودبلوماسي بدور القيادة في الرباط والمؤسسات المغربية في الانخراط الجاد والمسؤول في مختلف الملفات والقضايا العربية التي تتصدرها القضية الفلسطينية والأحداث في غزة، بالإضافة إلى الديناميكية التي يحرص عليها المغرب في تتبعها لإيجاد الحلول الممكنة، وإرساء المنصات اللازمة لتسوية الخلافات السياسية في العديد من القضايا العربية”.

وخلص المحلل ذاته إلى أن “التنويه” الذي حظي به المغرب في “بيان قمة المنامة” يُتوج الواقعية السياسية الذي تبناها في تدبير سياساته عربيا وإقليميًا، مضيفا أنه “يجسد الاحترام الذي يكنّه الفاعلون العرب للبراغماتية التي تتحلى بها القيادة في الرباط في تنزيل مقاربتها السياسية على المستوى العربي، وضبط منهجيتها في المساهمة الفعالة والبناءة لإيجاد الحلول الممكنة للمشاكل والخلافات”.
تثمين دبلوماسية المغرب

بدوره شدد محمد نشطاوي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، على أن “الإعلان الصادر عن القمة العربية المنعقدة في البحرين جاء مُثمِّنا للأدوار التي لعبتها الدبلوماسية المغربية في عديد من المواضيع، سواء تعلق الأمر بالوضع في غزة أو الدور الذي تلعبه وكالة بيت مال القدس، الذراع التنفيذية للجنة القدس التي يترأسها العاهل المغربي، التي قامت بأعمال مهمة على الصعيد الاجتماعي والإنساني، والتربوي”.

وتابع نشطاوي، مُحلّلاً لهسبريس، بأن “الأدوار التي لعبها ومازال يلعبها المغرب في إيجاد حل للنزاع في ليبيا بين الفرقاء الليبيين، سواء تعلق الأمر بمخرجات بوزنيقة أو الصخيرات، ثمّنتها القمة بوضوح”.

كما استحضر أستاذ العلاقات الدولية “تأكيد البيان الختامي على السياسة الحكيمة المغربية في التعاطي مع الإرهاب، وكذلك العمل على تِبيان مدى كون الإسلام دين الاعتدال، وأن ما يقوم به المغرب (سواء في الشق التعليمي من خلال تكوين الأئمة أو من خلال ‘برنامج مصالحة’) يُبيّن إلى أي حد أنه ماض في تجفيف منابع الإرهاب، وكذلك العمل على إعطاء رؤية واضحة للإسلام المعتدل”.

وذكر البيان أيضا بـ”التزام المغرب بقضايا البيئة من خلال احتضانه اجتماعات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي في ما يتعلق بالتعاطي مع الملفات المرتبطة بالبيئة وتداعياتها، والعمل على إيجاد فرص وبرامج وإستراتيجيات لمواجهة التحديات المناخية وتداعيات التصحر والجفاف والاحتباس الحراري؛ وكلها قضايا مهمة جاءت منصفة للدور الذي يلعبه البلد وجعلته رائدا عربياً وإقليميا”، وفق المتحدث ذاته.

وتعليقا على المشاركة المغربية في القمة أكد نشطاوي أنها “كانت مهمة، ومثلما عوّدنا المغرب في مثل هذه الظروف”، وزاد: “رغم أنها دورة عادية لكن بأجندة استثنائية وسياق استثنائي، وأكيد أن الحضور المغربي المتميز كان استثنائيا كذلك”.

وختم المحلل بأن “التنويه العربي بالأدوار التي يقوم بها الملك والدبلوماسية المغربية في عديد من المواقف والأحداث مؤشر على أن المغرب يمكن أن يُعوَّل عليه في مثل هذه اللقاءات، بحكم الأدوار الطلائعية التي يلعبها في ملفات عديدة، تتراوح بين السياسي والأمني والاجتماعي والديني، وكذلك الجيو-استراتيجي”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق